الدكتورة السودانية الشاعرة شريهان الطيب :أنا أؤمن أن القصيدة تختار شاعرها والطبيعة الخضراء في السودان تساعدنا على الابداع

الأحساء ـ عبد العزيز عطية العنزي

من السودان الشقيقة تطل علينا الدكتورة الشاعرة – شريهان الطيب بأجمل الكلام والمعنى بعدما غاصت في بحور الشعر على طريقة الشعراء الكبار ويسعدنا أن تكون اليوم ضيفتنا في هذا الحوارالصريح.

–  لكل شاعر امتداد ونقطة ميلاد، هل كان في مسقط رأسك أو بيئتك أو في عائلتك من كنت له وريث المشاعر ومحكم للشعور لتكون شاعرا ؟

أنا أؤمن أن القصيدة تختار شاعرها وكثيرا ما تكتب النصوص نفسها،وأشعر أن الشعر هذا الهم الإنساني العظيم هو ما وجدني .. لكن بالطبع هناك عوامل مساعدة كالطبيعة الخضراء في السودان فعناصر البيئة والتصوير حاضرة لدينا بقوة في الشعر السوداني .

() ما الذي يقودك لتحاكي مخاض الشعر هل الإيقاع أم موسيقى الشعر أم كليهما ؟

إن عملية ميلاد القصيدة معقدة ومركبة فهي تفاعل لعدة عناصر حتى لحظة التجلي ،الموسيقى والإيقاع والوزن والقافية كلها قوالب شكلية لمحاولة احتواء هذه الروح التي لا تعرّف .

وإن كنت تقصد ما يستفزني لكتابة الشعر هو الانفعال والتفاعل المستمر بين الهم الذاتي والانساني وما نلتقطه من الحياة ودروبها والرؤى والأفكار الفلسفية التي نعتقدها…

() هل تكتب رسالتك أم مشاعرك فقط على قالب شعري ؟

من يعتقد أن القصيدة هي مشاعر فقط دون رؤية بالنص فهو مخطئ ومن يعتقد انها افكار مطروحة دون جانب شعوري فهو متطرف ،في نظري أن هناك نسبية وليس بالضرورة أن تكون كل القصائد تحمل رسالة لكن الشاعر المجيد والواعي برسالة الشعر يستطيع أن يطرح افكاره ويضمن رسائله ولنتخذ المتنبي مثالاً..

() هل تنتمي لمدرسة شعرية معينة أو ثمت تصنيف لميولك الشعري ؟

أنا جربت الكتابة في أكثر من مدرسة وهناك شعراء كثيرون يكتبون بطريقة كلاسيكية لكنها جميلة وهناك شعراء يمتطون ظهر الحداثة وقادرون على التقاط الصور والمجاز وتوظيفه في اعتقادي أن الذي يهم هو قيمة النص الشعري وجودته وليس المدرسة التي كتب عليها ،ولنأخذ الشاعر الكبير جاسم الصحيح مثالاً فأنا أحب الكلاسيكية لديه فهو ابن بيئته وصاحب قضية أما شعراء الحداثة فالنماذج كثيرة ولاتحصى ساتجنب الحديث عنها الان حتى لا أقع في حرج الاختيارات .

() للشاعر ميل نظمي معين أو يسكب على قالب شعري معين هل يقودك الوزن والبحر والقافية أم هي راحلتك الإبداعية تقود الطريق ؟

غن اختيار البحر والوزن والقافية عادة يتم بطريقة لاشعورية فيجد الشاعر نفسه قد كتب القصيدة وأنها التي اختارت شكلها، ولكننا لا ننسى إنه في مرحلة البدايات وحتى طوال الطريق نحاول التجريب المستمر والتجديد والكتابة في بحور لم نطرقها قبلا وقوافي جديدة نجربها كل هذا وأكثر يتضح لنا من خلال تكثيف القراءات الشعرية وتنويعها..

() ماهو القالب الشعري الأقرب لنفسك الفخر، الحماسة، الغزل، أم أغراض معينة تحب أن تصيغ قصيدتك عليها ؟

لأنني بالعادة شخصية هادئة وقليلة التعبير فوجدت في الشعر شفة أخرى ناطقة عني أجد نفسي أميل للقصائد الذاتية والفلسفية واطرح أفكاري ورؤاي وانفعالاتي المختلفة ولكن مع الوقت وجدت أن الشعر اكبر من أن يعبر عن فرد فكتبت عن الآخر ووجدت في الغزل والموضوعات الإنسانية والهم الجمعي المشترك مساحة خضراء ودوحة غناء دخلتها..

() كيف ترين الشعر والمشهد الشعري بالسودان ؟

السودان مليء بالتجارب الشعرية المهمة والكثير منها غير معروف للأسف،والثقافة وعناصر البيئة حاضرة بقوة في الشعر السوداني والحديث يطول عنه ربما افرده في مقال مخصص .

() إلى أي مدى تقودك القصيدة الفصيحة هل تعبر عنك بشكل جيد أم تجد جمهورك أو الفئة المستهدفة لهذه القصيدة تأخذك لتصنع مايريدون منك ؟

لم أكن يوما أكتب لأرضي جمهوراً ما ، وربما كتبت ليفهمني الآخرون أو ليجد القارئ في نصي شيئاً يشبه روحه..
لكن بالطبع هناك معايير للذائقة النقدية يلتقطها الشاعر الناقد مع الوقت والتجربة ..

() هل شعراء المعلقات لهم أثر ما عليك ؟

بلاشك أن شعراء المعلقات لهم الفضل الكبير علينا جميعا لأنهم هم الذين وضعوا حجر الأساس للقصيدة العمودية وأكسبوها هيبتها وجمالها وكانت تعبر عن ثقافة وملامح ذلك العصر كما حافظت على اللغة ورصانتها وما إلى ذلك ،انا قرأت المعلقات في مرحلة سابقة في البدايات لكنها ما تزال مرجعية مهمة لي وأعود لقراءتها من وقت لآخر…
وهذا لايعني بالضرورة انني اميل لهذا النمط من الكتابة فالمواكبة عندي مهمة .

() هل تجد وجودك في مثل هذا المهرجان له صلة بالرسالة الإنسانية التي حكمت قصيدتك ومفرداتك وتكون بها أثر تفاعلك مع الحدث ؟

مهرجان مهم مثل الشارقة هو فرصة جميلة يحلم بها الكثيرون سعدت باقتناصها وحاولت أن أكون صوتاً مختلفا..

() ماذا تعني لك المقاطع الشعرية لحظة الإلقاء الشعري ورأيك في الإلقاء كمهارة وأهميته ؟

بالنسبة لي الإلقاء والحضور هو نصف القصيدة وربما يزيد فعندما يجيد الشاعر الإلقاء فهو ينصف قصيدته ويضعها في مكانها الذي تستحق والأهم بالطبع يخلق رابطة جيدة مع جمهوره والإلقاء يقول الكثير مما لاتقوله القصيدة الصامتة..

() هل القافية في وقتنا الحالي مجال لدهشة المستمع ولفت لانتباه الشعراء حين يقدم شاعر متمكن قافية نادرة أو ذات إيقاع جديد الحبكة ؟

القافية لها سحرها بالطبع وكلنا يحب التجريب ، فمن كتب وجرب قافية نادرة واجادها فهو بالطبع سيكون مدهشاً على شرط ألا يكون متكلّفا.
والكثير من شعراء الحداثة يقومون بذلك وقد قرأت لشعراء أجادوا ذلك .

() هل تعتبر القصيدة العمودية الكلاسيكية ذات نمط مستهلك ومجرد قالب يركب عليه الشاعر أم أن الحداثة والتجديد أخذ مأخذ فيها ؟

ذكرت سابقا أني أحب الكلاسيكية المتقنة تلك التي حين تقرأها لاتركز مع القالب الشعري وتسمو لروح النص التي تحملك لعوالم جديدة ،وفي وقتنا الحالي هناك هناك صور حداثية في النص الكلاسيكي كنوع من التجديد وهو أمر مهم ومطلوب حتى لا نقع في فخ الرتابة والنمط المستهلك..

() هل توجد قصائد تم كتابتها خاصة بحدث المهرجان خصيصا هذا العام ؟

لا أظن أنني من النوع الذي يكتب ماقبل الحدث بل اكتب انفعالاً وتأثراً بالحدث ليكون النص صادقاً وكاميرا من الداخل.

() يقال أن لكل شاعر طقوس للكتابة والإلهام فهل لك طقس خاص يمكن أن تكشفه لنا لبناء قصيدة ؟

أنا أؤمن بهذا الشعور المباغت المفاجئ الذي يقتحمك فتكتب القصيدة ،لا بالقصيدة التي نحاول استدعائها ، ونحن بالطبع نمهّد الدرب لهذا الشعور بالقراءة المتنوعة والثقافة الواسعة وغيره.

() ماهي المصادر التي تعتمدينها لتحريض الشاعر بداخلك ؟

الشعر فن لا ينفصل عن الفنون الأخرى لذلك أحب الموسيقى واستمع لها بكثرة وأقرأ كل الأشكال الأدبية الأخرى كالرواية والقصة والادب المترجم والنقد وقراءات في علم النفس وعلم الاجتماع والكثير الكثير ، فبناء الثقافة والوعي يجب أن يتكئ على أرضية متينة .

() الشواهد على العصر كثيرة هل توجد قصيدة فصحى حاليا شاهد على العصر ؟

لاتوجد قصيدة واحدة شاهدة على العصر في نظري بل هناك عدة قصائد مهمة وشعراء كثر عبروا عن عصرهم وخلدوه، ونحن في زمن مزدحم بالشعراء من الصعب أن نأخذ قصيدة واحدة ونجعلها شاهد عصر .

() هل أمير الشعراء في زمننا الحالي يحمل صفة شعراء المعلقات ؟

لا اعتقد ذلك فاغلب الشعراء الذين شاركوا بالبرنامج يتبعون لمدرسة الحداثة وكتبوا قصائد بها صور ومجاز ومواكبة للعصر ،عدا قِصر طول النصوص التي تقدم.

() هل الشاعر الفصيح مظلوم إعلاميًا وحضوريًا مقارنة بشعراء النبط والشعر الشعبي الأكثر تداول بين الناس ؟

هذه تقريبا حالة عامة في أغلب الدول فالشعر الشعبي والنبطي له جمهور اكبر وربما لانه يحكي بلسان المواطن البسيط فيستطيع أن يفهم ما يقوله الشاعر،للغة واللهجة دور مهم لنقل ثقافة وهوية البلد من جهة وإيصال شعور النص بقوة وسهولة من جهة أخرى أما الشعر الفصيح وطبعا أنا أتحدث على مستوى الجمهور فهو يكاد يكون محصور في النخبة المثقفة والعالمة باللغة وليس بالضرورة كمجال دراسة وعمل ولكن كذائقة وميول ، جمهور الشعر الفصيح نخبوي الا أن هناك نماذج رائعة استطاعت ضم الجمهور البسيط لصفها…

() السيرة الذاتية خفيفة ومحطات جميلة عبرتها..

شريهان الطيب كلباش شاعرة سودانية تقيم في مدينة أمدرمان بالعاصمة
من مواليد العام 2001 بامدرمان .

– بكالريوس طب وجراحة الأسنان جامعة الخرطوم .

_حائزة على جائزة الإيسسكو للشعر بالمغرب في العام 2021

– حائزة على جائزة بيت الشعر الخرطوم بالعام 2021

– شاركت بمسابقة أمير الشعراء الموسم العاشر ووصلت مرحلة ال ١٥ شاعراً

_شاركت بمهرجان شاعر شباب العرب ببغداد في العام 2021

_شاركت بمهرجان الشباب الدولي بالمغرب العربي في العام 2022

_شاركت في مهرجان الخرطوم للشعر العربي 2022

_شاركت في ملتقى النيلين للقصيدة العربية وأيام الخرطوم الشعرية في العامين 2021 و 2022

عضو بالعديد من المنتديات الأدبية أهمها منتدى همس بجامعة الخرطوم ومنتدى سوق عكاظ ومنتدى بيت الشعر الخرطوم
شاركت بالعديد من الأمسيات الشعرية والبرامج الثقافية والمؤتمرات محلياً وافتراضياً
ولي مشاركات منشورة في: مجلة القوافي الإماراتية ، مجلة رسائل الشعر بمدينة بلفاست المملكة المتحدة، و بصحيفة الأنطولوجيا الإلكترونية، وصحيفة الوجود المغاير الخرطوم وغيرها..

 

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

مستفيدو كيان يعبرون عن مشاعرهم في ذكرى البيعة العاشرة

لقاء/ د. وسيلة محمود الحلبي رسائل حب وولاء وتهنئة يقدمها أبناء جمعية “كيان للأيتام “ذوي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.