أي الأبناء أنت ؟

الكاتبة : سلافة سمباوه
نتزوج ، ننجب ، نربي ، نزوج أولادنا وبناتنا ، نرى أحفادنا، وماذا بعد؟.
ماذا نريد أكثر ؟ ذرياتنا حولنا بصحة وعافيه ونجاح واستقرار ، ماذا نريد أيضا؟ يحتدم النقاش في الأسر عن مفهوم الأبناء والبر. وماذا بعد؟ وما الرسالة ؟ ولماذا نريد برهم إلى هذا الحد من الاستماتة والصراع والقتال النفسي الذي يجلب الحزن في قلب الوالدين الذين يرفعون سقف توقعاتهم في أبناءهم وعقد الآمال والطموحات فيهم لتحقيق مالم يحققوه أو ليعيشوا معهم مالم يعيشوه ، والطامة عندما تربي وتعطي وتعلم وتهتم وتراعي تجد أن البعض يهرب منك كأنك الوباء وألد الأعداء ، ويجلس هذا الأب والأم مكلومين على عملهم الذي لم يثمر أو عملهم الغير صالح .

يقول الله تعالى في كتابه و هي دعوة للخلق كافة أن لا يتدخلوا في أمور كتبها الله وقضاها وإن كان الرجاء لأهالينا فنوح طلب من ربه ” وَنَادَىٰ نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ” 45 ، فجاء رد الله لنبيه:” قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ 46.
البر الذي يريدونه رزق نحن نعلم أبنائنا لكن لانفرض عليهم أن يبرونا كما نتخيل لأن أنواع الأبناء خمسة:
١- أحدهم : لا يفعل ما يأمره به والداه. فهذا ( عاقّ )
٢- والآخر : يفعل ما يؤمر به وهو كاره فهذا ( لا يؤجر ) .
٣- والثالث : يفعل ما يؤمر به ، ويتبعه بالمنّ والأذى والتأفّف ورفع الصوت فهذا ( يؤزر ) .
٤- والرابع : يفعل ما يؤمر به ، بطيبة نفس ، فهذا ( مأجور ) وهم قليل .
٥- والخامس : يفعل ما يريده والداه قبل أن يأمروا به ، فهذا هو ؛ ( البارُّ الموفق ) ، وهم نادرون.
فالصنفان الأخيران ؛ لا تسأل عن بركة أعمارهم ، وسعة أرزاقهم ، وانشراح صدورهم ، وتيسير أمورهم ، و ” ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ”
السؤال الصعب لكل شخص أي الأبناء أنت ( قبل أن تقبِّل رأس والديك ) اسأل نفسك ؛ ما هو البر ؟! البر :ليس مجرد قبلة تطبعها على رأس والديك ، أو على أيديهما ، أو حتى على قدميهما ،أو تسمي أحد أبنائك عليهما، فتظن أنك بلغت غاية رضاهما ، البر :هو أن تستشف مافي قلب والديك ، ثم تنفذه دون أن تنتظر منهما أمرا.

هو أن تعلم مايسعدهما ، فتسارع إلى فعله ، وتدرك مايؤلمهما ، فتجتهد أن لايرونه منك أبداً قد يكون في أمر تشعر أن والديك يشتهيانه ,فتحضره للتو ، ولو كان كوباً من الشاي أن تحرص على راحة والديك ، ولو كان على حساب سعادتك ، هو أن تخطط لعمرة أو زيارة للحرم أو مكان يودونه لايدري عنهما والديك إلا وهم في الفندق الأنيق ، الذي يستحقانه موفراً راحتهم فيه وكل مايسعدهم .

هو أن تُرفه عن والديك في هذا السن الذي لم يعد فيه بالنسبة لهم الكثير مما يجلب السعادة والفرح ، هو أن تفيض على والديك من مالك ولوكانوا يمتلكون الملايين دون أن تفكر كم عندهم ، وكم صرفوا ، وهل هم بحاجة أم لا ، فكل ما أنت فيه ، ما جاء إلا بسهرهم وتعبهم ، وقلقهم ، وجهد الليالي اللذان أمضاها في رعايتك .

هو أن تبحث عن راحتهم ، فلا تسمح لهم ببذل جهد لأجلك ، فيكفي ما بذلاه منذ ولادتك ، الى أن بلغت هذا المبلغ من العمر.

هو استجلاب ضحكتهم ، ولو غدوتَ في نظر نفسك مهرجاً, كثيرة هي طرق البر المؤدية الى الجنة فلا تحصروها بقبلة ، قد يعقبها الكثير من التقصير .

بر الوالدين ليس مناوبات وظيفية ، بينك وبين إخوانك بل مزاحمات على أبواب الجنة.

البر شيء في اعتقادي لايطلب إنه رزق من الله وسعي نابع من النفس ، كنت ومازلت أسمع والدتي تقول : برو أبنائكم صغار يبروكم وهم كبار.

لم يكن حب وبر الأبناء في نوع المأكل والمشرب والمسكن والتعليم والملبس فهذا من المسؤولية ورعاية أمانه الله فيما وهبنا من نعم لكن البر في الأبناء أن يكونوا في صحة نفسية وعقلية وروحية مع الله جيده في زرع قيم ومباديء وأسس تعينهم في حياتهم .

وفي الأخير عندما يشتد عودهم تتم مصاحبتهم لأنهم لم يعودوا أطفال.

ا هذه قناعاتي أولادنا أمانة الله وليسو أملاكنا، فإن من الضروري تسليط الضوء على الفهم التقليدي للعلاقة بين الآباء والأبناء والتطرق لمفهومي البر والعقوق من زوايا مختلفة.

في اعتقادي، يحتاج إلى مناقشة وتفكيك. فاعتقاد الآباء بأن لهم ملكية مطلقة على أبنائهم لتسببهم في مجيئهم إلى هذا العالم وشعور الأبناء بوجوب الطاعة المطلقة للوالدين بحاجة إلى تأصيل منطقي، ويشعر الكثير من الآباء بالعار والخذلان وخيبة الأمل بسبب الفهم الخاطئ لفكرة البر والعقوق ولشكل العلاقة الطبيعية مع الأبناء في ما يعاني الكثير من الأبناء من عقدة الشعور بالذنب والتقصير في “بر” والديهم خاصة أولئك الذين يتعرضون للابتزاز والتهديد ممن يعتقدون بأنهم يمتلكون صكوك الغفران ، وقد ساهمت العديد من العوامل في انتشار الفهم السائد لثقافة البر والعقوق أبرزها في اعتقادي هو الإرث التاريخي والديني المتنوع بلغ حد التناقض بين صور البر ونماذج العقوق التي شكلت الوعي الجمعي للمجتمعات على مر العصور.

وبناء على تلك الشواهد التاريخية تشكلت ثقافة البر والعقوق فتفشت ظاهرة الزيجات التي تقوم الأسر بالتخطيط لها بدون إبداء أي اهتمام لموافقة الأبناء وفي حال رفض أحد الطرفين أو كليهما، يستخدم الآباء عدة طرق للضغط كالحزن الشديد والمقاطعة والتهديد أو الحرمان من الميراث أو الغضب عليهما مدى الحياة.

وقد عايشت وقرأت واستمعت إلى العديد من القصص عن الضغوط الهائلة التي يتعرض لها الأبناء العاقلون البالغون من قبل والديهم الذين يصرون على التدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون حياتهم حتى الشخصية منها كاختيار التخصص الدراسي والهوية وقضايا الاعتقاد والزواج والإنجاب ونوعية الملابس وتسريحة الشعر وغيرها.

وحين يصل اليأس بالأبناء مداه ويثورون في وجه ذلك التسلط الأبوي ويتمردون، يصاب الكثيرون منهم باضطرابات نفسية، قد يكون أسباب جحود الأبناء إلى التنشئة الاجتماعية الخاطئة وعدم تنشئتهم على ثقافة الأخذ والعطاء يجعلهم مع الوقت جاحدين فى سبيل تحقيق مكتسبات لهم.

بالإضافة للتدليل الزائد والعطاء المفرط. وأيضا اهتمام الأباء بتوفير المستوى الاقتصادى والاجتماعى لأبنائهم ولكن للأسف الشديد يغفلون عن التربية والتواصل مع الأبناء فهذا ينمى الجحود ، كما أن إهمال المشاعر وعدم مشاركة الآباء لأبنائهم يسبب فجوة كبيرة بين الطرفين.

بالاضافة لضعف الوازع الدينى لكن جحود الأبناء أحياناً يكون خطأ فى التربية من جانب الأبوين إلا أن هناك مؤثرات خارجية ولا يجوز أن نلقى اللوم دائما على الوالدين فإحيانا يبذلون جهدا خارقا فى تربية الأبناء لكن يكبر الابن جاحدا وأنانيا فهناك بعض المؤثرات الخارجية التى تضيع ما بذله الآباء من مجهود ولابد من الحرص على التواصل الدائم مع الأبناء والتقرب منهم منذ الصغر والاستمرار فى بذل الجهد فى التقرب منهم ومواصلة الجهد لعودة الابن إلى استقامته وصلاحه ، وأن يضرب الأب والأم القدوة لأبنائهم ببرهم بوالديهم .

وقد لا تصح هذه القصص بالحرف أحياناً ، ولكنها تصح بالمنطق والعدل، فإن التعامل دَين، ولا بد أن يُسدد الإنسان ديونه، ومن مدّ يد الخير مُدت إليه أيدي الخير، ومن حفر الحفر للناس حُفر له لذا على الآباء أن يقوموا بواجباتهم قبل أن يسألوا عن حقوقهم، وثانيًا: كونوا لآبائكم الأولاد الذين تحبون أن يكونوا لكم.

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.