الهوية الوطنية والقيم الإسلامية

بقلم/ مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية

عندما تستعرض التاريخ وتقلب صفحاته وتقرأ في أزمنة أمم مضت عن تاريخها وحضارتها والعصور الجميلة التي مرت بها وبخاصة العصور التي عاش فيها العرب الأوائل وترى أسواقهم وخيامهم وأطنابهم ومساجلاتهم وشعراءهم وحبهم وغرامهم وخيلهم وإبلهم وقناعتهم في الطعام من التمر وقعاب اللبن وأصواع الشعير ولباسهم وهندامهم واعتزازاهم بلغتهم العربية التي كانت مصدراً من مصادر قوتهم وجزءاً مهماً من هويتهم وثقافتهم.
لا شك أن لكل دولة هوية وثقافة تعتز بها وتسعى لنشرها وفرضها على الآخرين ومنذ بزوغ فجر الإسلام كانت الهوية الإسلامية هي الثقافة المهيمنة والمشتركة بين الشعوب العربية على الرغم من اختلاف ثقافتهم، ولازالت هذه الهوية ممتدة عبر الدهور والعصور حتى زمننا الحاضر.
اليوم نحن مع سهولة السفر والتنقل بين البلدان والاطلاع من خلال شبكة التواصل الاجتماعي أصبحنا نطلع على الثقافات والهوية الوطنية لدول العالم فلكل منها عادة و طريقة في اللباس والأكل والشراب واللغة والمعاملات والتواصل وغيرها، فهي تعتز بها وتعدها جزءاً لايتجزأ من أصالتها بعكس الدول المقلدة لهوية الآخرين فتجدها ضعيفة مهزوزة حتى أمام أصدقائها وأعدائها.
ومن الثقافات المنتشرة في عالمنا اليوم الثقافة الغربية والتي انتشرت بين العالم بسرعة قياسية، وهيمنت على كثير من الدول وتنازل البعض عن هويتهم أمامها ، وقد تمكنت الهوية الغربية من نشر ثقافتها خلال الوسائل الاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والرياضية وغيرها، وتنقل أفكارها وتعززها لدى الشعوب حتى انقاد لها الكثير من أفراد المجتمع وأصبحوا يرون أن ثقافة الغرب هي الثقافة والحضارة الأصيلة، وتنازلوا عن هويتهم الوطنية وقيمهم الإسلامية ولكن سيندمون على هذه الخطوة طال الزمن بهم أو قصر!
فهويتك الوطنية وقيمك الإسلامية أخي القارئ هي جزء من أصالتك ، إن الدول التي تعتز بهويتها وثقافتها وأصالتها يحترمها الجميع ويضعون لها الاعتبار ويعرفون أصل معدنها ومصدر قوتها، ونحن في بلادنا المملكة العربية السعودية نعتز بثقافتنا العربية وهويتنا الوطنية وقيمنا الإسلامية، وانتقلت تلك الهوية والثقافة والقيم إلى دول الجوار، ولكل من عاش في هذا البلد فترة من زمن تجد انعكاس تلك الهوية والثقافة والقيم على حياته وتعاملاته ، إن رؤية المملكة 2030 من أهدافها الإستراتيجية على المستوى الأول تعزير القيم الإسلامية والهوية الوطنية، وقد وضعت لها المؤشرات التي تحقق تلك الإستراتيجية ومن أهمها خدمة ضيوف الرحمن على أكمل وجه وتعزيز القيم الإسلامية وتعزيز الهوية الوطنية، وفي برنامج تنمية القدرات البشرية كان من أهدافه الإستراتيجية العناية باللغة العربية وغرس المبادئ والقيم الوطنية وتعزيز الانتماء الوطني ، فهذه الرؤية الوطنية 2030 ثاقبة وتهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية والقيم الإسلامية في أبناء وطنها وأن لا يتأثروا بالثقافات والحضارات الأخرى، والقيادة الحكيمة في استقبال ضيوفها تجدها تمتثل الهوية الوطنية والقيم الإسلامية، فعندما ترى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وهو يستقبل السياسيين في تلك الخيمة الجميلة في مدينة العلا ويأخذهم في جولة بين جبالها وأوديتها ويشربون من قهوتها ويأكلون من شعبياتها ويرون سماحة الإسلام من خلال التعاملات والحرص على تأدية الواجبات المفروضة؛ هنا تصلهم الرسالة أننا شعب لدينا ثقافة وقيم إسلامية نعتز ونفاخر بها، وأنها دولة متقدمة وفي مصاف الدول العشرين الأعلى اقتصاداً ولذلك فرضت احترامها بين الجميع وأصبحت محط الأنظار والتقدير ، فنسأل الله أن يحفظ علينا ديننا و بلادنا وقادتنا وعلماءنا من كيد الكائدين وحسد الحاسدين وأن يجعلنا منارة للإسلام والمسلمين .

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.