الدكتورة / ماريا أم عاصم
لم يكن مرضى الطب المنزلي عندي مجرد مرضى أزورهم وأفحصهم وأعرف أمراضهم وأدويتهم وآخذ فحوصاتهم إن لزم الأمر .. كان الموضوع أكبر من ذلك بكثير ..هم أهلي.. هي أمي وهو أبي وذاك أخي وتلك أختي وفيهم من هو ابني ، لذلك كنت أعرف عنهم ما لا يعرفه أهلهم المقربون عنهم .
كانت أمهاتي منهن يبادرونني بالسؤال عن حالي قبل أن أبادرهم وكأني المريضة وهم أطبائي .
أبوعاصم جاكم ؟ كيفو عموري اليوم من الحمى ؟ ومع من تركتيه ؟ هم يعرفون عني الكثير فأنا منهم وبهم وأي سؤال في حينه كنت لا أخفي دموعي عنهم وكم أخذتني الخاله ( مطره رحمها الله وغفر لها ) في حضنها إن بكيت لأني تركت عمر وحيدا وهو مازال مريضا فتكفكف دمعتي وتعدني أنها فتره وتعدي وسيكبر الصغير ويعود الغائب .
كم جهزت الخاله ( شطه رحمها الله وغفر لها ) من حلويات لأولادي وهي تنتظر زيارتي لتفرح أولادي أكثر من انتظارها سماعتي لفحصها.. وكم وكم كان ذلك متبادلا بيننا فإن اتصل ابن /ابنة أحدهم أن الوالد/ الوالده اليوم تعبان أمره لأطمئن عليه ولو كان خارج جدول الزيارات لأن ألمهم ألمي وحزنهم حزني .
هم يتصلون علي قبل تحركهم من البيت في أي وقت وأي حين في أرقام تلفوناتي بحوزتهم لأسبقهم إلي المستشفى لأن أحدهم تعب ولزم حضوره .
حضرت إحداهن إلي المستشفى وسبقتهم إليها فلما رأتني قالت لأولادها ليش كلمتو الدكتوره يعني ما تجلس مع عيالها وأصرت علي أن أرجع إليهم و طمأنتها إنهم بخير وبس يا خاله تطلع الفحوصات وارجع بعد اطمن عليك
كانت أجمل أيامي معهم وبهم على ما فيها من تعب لكن دعواتهم كانت تهون علي كل عسير ووقفاتهم الي جانبي كانت البلسم لكل ألم .
ما زالت أرقامهم معي وأرقام أولادهم وبناتهم أبكي لفقد أحدهم وأفرح لشفائهم وتغمرني دعواتهم من على البعد ..
كنت أتابع مع أم أحمد السلامه حالة الوالدة المنومة هنالك في الرياض في عنياتهم المركزه ، وكم انقبض قلبي لذلك فأنا اعرف الحاله وأعرف تبعاتها فاللهم سلم سلم .
بالأمس ماتت الخاله عيده أم سليمان السلامة رحمها الله وغفر لها وتجاوز عنها وجمعنا بها في الجنه ، أحتاج أن أبكي معك يا أم أحمد فهي أمنا كما قلت وأحتاج من يعزيني فدموع عيني تأبى التوقف .
اللهم ارحمهم واغفر لهم وتجاوز عنهم وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم ولا تحرمني أجرهم ولا تفتني بعدهم ، اللهم اجعل لقائي الطويل بهم في الجنه حيث لا حنين ولا فراق ولا ألم واغفر لوالدي وارحمه وجميع موتى المسلمين. إنا لله وإنا إليه راجعون.