روافد / فوزية عباس
عرف بالتواضع و البساطة رغم الثراء و السمو الملكي ، كان من أكثر الشخصيات السكندرية شعبية فى النصف الأول من القرن العشرين ، محبوبا من اهلها ، كان وجهاً مألوفاً لهم ، فكم كان يطوف بأنحاء المدينة مترجلاً من عربته التى تجرها الخيول ، يستوقفه المارة أثناء سيره لإلقاء السلام ، و لطلب خدمات لا ترد ابدا ، عرف الأمير بالكرم و الحنو على الفقراء فاستحق بجدارة لقب “أمير الفقراء” .
هو الابن الثانى للأمير طوسون بن محمد سعيد بن محمد علي ، مؤسس مصر الحديثة ، ووالدته هي الأميرة فاطمة ، إحدى بنات الخديو اسماعيل ..
المولود فى الإسكندرية 8 سبتمبر 1872م ، و لما بلغ الرابعة من عمره فقد والده ، فكفلته وربته جدته لأبيه وأشرفت على تعليمه ، وكانت دراسته الأولى فى القصر ثم استكملها فى سويسرا ، وبعد تخرجه تنقل بين عدة بلدان أوروبية ، مثل فرنسا وإنجلترا ، و أكمل علومه ، وشاهد أنواع التقدم الاجتماعي و العلمي و الصناعي و الزراعي فى هذه الدول ، ثم عاد إلى مصر ..
تزوج من الأميرة بهيجة حسن، حفيدة الخديو إسماعيل ، وأنجب منها النبيل سعيد طوسون و النبيل حسن طوسون و النبيلة أمينة طوسون و النبيلة عصمت ..
هو أحد أهم رواد الإصلاح و النهضة في مصر بدايات القرن العشرين ، له العديد من الإسهامات في المجال العلمي والعملي ، حيث استطاع أن يؤرخ لكثير من الأحداث التاريخية ، وأن يقدم العديد من الدراسات التاريخية والأثرية المصرية التي عُدت بمثابة أعمال رائدة في هذا الشأن ، كما ساهم في اكتشاف العديد من الآثار المصرية ، مثل رأس تمثال الإسكندر الأكبر ، كما كان له باع كبير في العمل الخيري والتطوعي الذي ساعد في النهوض بالوطن سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي ..
كان من أكثر من ساهموا في الأعمال الخيرية في مصر الحديثة ، و قد كان على صلة بعشرات الجمعيات الخيرية ، مثل الجمعية الخيرية الإسلامية، والجمعية الخيرية القبطية ، حيث تبرع لهما بمبلغ ستة آلاف جنيه إضافة إلى سعيه لجمع التبرعات لهما ، فكان منطلقه في العمل الخيري منطلقا وطنيا لا يفرق بين مسلم و مسيحي ، وكان له دورا بارزا في الجانب الإصلاحي و الديني ، كان للأمير عمر دورًا هاما في تحريم الخمر في مصر في عهد الملكية ، وذلك في إطار اهتمام الأمراء بالإصلاح الاجتماعي ، حيث أبدى اهتمامه بتحريم الخمر من خلال رعاية جمعية تسمى “جمعية منع المُسكرات” ، التي كان يرأسها أحمد غلوش ..
كما شملت نشاطاته في المجال العام الجانبين السياسي والاقتصادي و الأثري ، كما قدم الدعم للمقاومة الليبية العثمانية في مواجهة الغزو الإيطالي ، ودعم جيوش الدولة العثمانية التي تتعرض للغزو في البلقان، كما فضح سياسة الاستعمار الهولندي في أندونيسيا ، أما عن الجانب الاقتصادي ، فقد تولى رئاسة الجمعية الزراعية الملكية التي كانت تُعْنَى بشئون الزراعة في مصر فنهض بها ، وساعد في تطوير الإنتاج الزراعي، وفي المجال الأثري كانت لطوسون الريادة ، حيث استطاع أن يكتشف ٥٢ ديرًا أثريًّا ، وأن يعثر على رأس تمثال الإسكندر الأكبر بخليج العقبة ، وينتشلها من الماء بمساعدة الصيادين والغواصين، كما اكتشف بقايا مدينة مغمورة بالماء على عمق خمسة أمتار بأبي قير سنة ١٩٣٣م ، إلى جانب تقديمه للعديد من الدراسات الرائدة في مجالي التاريخ والآثار ..
توفي الأمير عمر طوسون 26 من يناير 1944م ، وكانت وصيته أن تبدأ جنازته من الميدان المواجه لمحطة مصر للقطارات فى الإسكندرية ، حتى لايضطر المعزون للسير مسافات طويلة وتم تنفيذ وصيته رحمه الله ، كما تم لف نعشه بالعلم المصري ، الذى حمله ضباط فى البحرية المصرية ، وأحاط ضباط الجيش المصرى بالموكب واصطف أهالى الاسكندرية فى الشوارع ، وتجمعوا فوق الأسطح و فى الشرفات ، ليودعوا أميرهم المحبوب للمرة الأخيرة ، وعند وصول الموكب إلى ضريح العائلة الملكى، فى شارع النبي دانيال، هتفت الجماهير “فى ذمة الله ياعمر .. الأمة تودعك يا أمير الإسكندرية” ..
Check Also
بالفيديو: مختص يجري تجربة فحص سكر الدم بعد تناول الفشار
روافد ـ متابعات أجرى صانع محتوى غير مصاب بالسكري تجربة فحص سكر الدم بعد تناول …