“لغتي العربية” لغة ذات قوّة راسخة

بقلم / د. وسيلة محمود الحلبي*

يحتفل العالم العربي اليوم الاثنين 18 من ديسمبر 2023باليوم العالمي للغة العربية تحت شعار” لغة الشعر والفنون”، حيث ألهمت اللغة العربية الإبداع في الشعر والفن لعدة قرون. واشتهرت اللغة العربية منذ زمن بعيد بمساهمتها في الشعر والفنون فهي لغة ذات قوّة راسخة وأبدَعت آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب. ويتزامن الاحتفال هذا العام مع الذكرى السنوية الخمسين لإعلان اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة. وإنّ اليونسكو، وإذ تصبو إلى الإشادة بزهاء اللغة العربيّة على الصعيدَين الشعري والفني.
إنّ اليوم العالمي للغة العربية منبر ثابت للتعمق في مناقشات بشأن تأثير اللغة العربية في تشكيل المعارف، والتحولات المجتمعية من خلال الشعر، فضلاً عن تأثيرها في الفنون، مع تعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات.
وأحب الشعراء العرب لغتهم، ونظموا أشعارا للدفاع عنها والتغنِّي بجمالها وقوتها وثرائها،
وتغنى الشعراء بحبهم للغة الضاد وقالوا فيها كلام جميل، فكتب الشاعر حافظ إبراهيم قصيدة “اللغة العربية”، ومن أشهر أبياتها:
“أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدقاتي”.
كما قال فيها الشاعر حمد بن خليفة أبو شهاب:
“لغة القرآن يا شمس الهدى.. صانك الرحمن من كيد العدى”.
وفي حب العربية نظم الشاعر صباح الحكيم قصيدة لغة الضاد قائلا:
“أنا لا أكتبُ حتى أشتهرْ.. ولا أكتبُ كي أرقى القمرْ..
أنا لا أكتب إلا لغة في فؤادي سكنت منذ الصغرْ”.
فيما تغزل من خلالها المتنبي بمحبوبته العربية بقصيدة لغة الأجداد قائلا:
“لغة الأجداد هذي رفع الله لواها.. فأعيدوا يا بنيها نهضة تحيي رجاها”.
وفي عشق اللغة العربية، قال الشاعر عبدالرحيم الصغير:
“طلعتْ.. فالمَولِدُ مجهولُ.. لغة في الظُلمةِ.. قِنديلُ”
وذلك بقصيدته “اللغة العربية”، كما نسج الشاعر وديع عقيل أبياتا دفاعا عن العربية
بقصيدة “لا تقل عن لغتي”.
نتمسك بهويتنا وبالضاد، لأن لغتنا العربية سيدة اللغات، فيها من الجمال والإبداع ما يجعلها بحر البيان والبلاغة، يكفيها فخراً وشرفاً أنها وسعت كتاب الله عز وجل لفظاً وغاية. هي بحق منارة الإبداع والتألق والجمال، فهي لغتنا الأم الغنية بالمفردات والمعاني، هي ما تبقى من جمال في هذه الأمة ، لنعش جمال اللغة ولنستحضر قوة المعاني عند كل شعور بالضعف أو العجز، وهي بمثابة صدى صوت أمي، التي نطق بها قلبي قبل لساني، إنها “لغتي العربية” وها هو الثامن عشر من شهر ديسمبر يطل علينا كل عام، وهو” اليوم العالمي للغة العربية”، والتي تعتبرها منظمة اليونسكو ركنا أساسياً من أركان التنوع الثقافي للبشرية.
وتعتبر اللغة العربية واحدة من اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة حيث يحتفل العالم في 18 ديسمبر عام 1973ويحتفل العرب حول العالم باليوم العالمي للغة العربية. وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية ، لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.
وتعد اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم ، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 422 مليون نسمة من سكان المعمورة. وقد أبدعت اللغة العربية بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة، والشعر، والفلسفة، والغناء.
وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات. ويزخر تاريخ اللغة العربية بالشواهد التي تبيّن الصلات الكثيرة والوثيقة التي تربطها بعدد من لغات العالم الأخرى، إذ كانت اللغة العربية حافزاً إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة. وأتاحت اللغة العربية إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.
فاللغة العربية هي حلقة وصل بين الثقافات لا تحدها حدود المكان والزمان، وتجسّد اللغة العربية حقاً التنوع بدور مجامع اللغة العربية والوقوف على أبعاده. فلا يقتصر دور هذه المجامع على حفظ اللغة العربية وإثرائها وتعزيزها، بل يشمل أيضاً المساعدة على رصد استخدامها في نقل معلومات دقيقة في سياق الأحداث العالمية الراهنة.
نعشق اللغة العربية ونحن متأكدون أنها تلعب دوراً فعالاً في مجريات حياة الشعوب بمختلف أعراقهم وأصولهم في دول العالم، حيث تعد أداة تساعدهم في التعبير عما يجول في أنفسهم من مشاعر، ورغبات، وتساؤلات، وتعتبر المكونات الأساسية لها الكلمة، الإيماءات، الإيحاءات، وهي أدوات أساسية في التعبير عن مجموعة كبيرة من الأحاسيس والعواطف، ولا شك أن أبرز ما يميز الجنس البشري عن سائر المخلوقات هو اللغة سواء كانت المكتوبة أو المنطوقة، التي يستخدمونها في تسخير طرق التواصل والترابط فيما بينهم.
ما أجملها من لغة وما أعظمها من حروف.
إنها “لغتي العربية” صدى صوت أمي التي نطق بها قلبي قبل لساني.

*سفيرة الإعلام العربي
* مسؤولة الإعلام بجمعية كيان للأيتام

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.