مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية
عندما تقرأ التاريخ وتطالع في الكتب والسير يستثيرك قصص قادة كان لهم عظيم الأثر في النفع المتعدي وغيروا بوصلة حياة أتباعهم والبشرية إلى الأفضل فخلدهم التاريخ، وسطرت أسماؤهم في الكتب والدفاتر منذ مئات السنين، فما قصة هؤلاء القادة؟! وكيف امتد تأثيرهم على الأجيال عبر الأزمنة المتعاقبة ؟! ماهي الصفات التي كانوا يمتلكونها ؟! وهل هم ولدوا كقادة أم تم صناعتهم من خلال التعلم والتجربة؟! أم لديهم قدرات بشرية استثنائية؟! .
إن من أعظم القادة الذين عرفهم التاريخ هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي الذي استطاع أن يقود الأمة بما لديه من رسالة ربانية ويؤثر فيهم بمايمتلكه من كاريزما قيادية فاستجاب له الصغير والكبير وأحبه الجميع وخلفه من بعده رجال استطاعوا أن يكملوا المسيرة ويبلغوا بها الآفاق عبر الأزمنة الممتدة من الصحابة والأتباع مثل أبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما وغيرهما من الذين كانت لهم الكاريزما القيادية التي أثروا بها في البشرية ، وتبعهم السلف الصالح الذين كان تأثيرهم في مجتمعاتهم والأزمنة المتقدمة كأئمة المذاهب الأربعة وشيخ الاسلام ابن تيمية رحمهم الله وغيرهم من القادة المؤثرين .
و من الشخصيات القوية المؤثرة في العصر الحديث الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه الذي استطاع أن يبني دولة قوية من خلال ما كان يمتلكه من فكر وإلهام ورؤى وثقة بنفس واعتزاز بالأخلاق والقيم الكريمة؛ حيث تمكن في فترة وجيزة من توحيد البلاد وجمع القبائل على قلب رجل واحد في زمن كانت تسوده الفتن والنعرات القبلية والشتات في جزيرة العرب .
إن القادة المؤثرون الذين تم ذكر بعضهم هم القادة التحويليون الذين استطاعوا أن يغيروا في الأفراد ويحولونهم إلى مجموعات فاعلة في المجتمع لها رؤى وأفكار وأهداف مشتركة ، يتبادلون المنافع ويتخذون قراراتهم بصورة جماعية تربطهم الروابط الأخلاقية مع أتباعهم، ولديهم الكاريزما المؤثرة في الحديث والذكاء والفطنة والعدالة وسعة الأفق، يلهمون أتباعهم ويجعلونهم يتبعونهم بإيمان وإذعان، تأثيرهم يتعدى محيطهم الخاص بهم ودورهم المحوري التعجيل في حدوث التغيير والرغبة الجامحة في إحداث الأثر والشغف بتحقيق الطموح والرسالة التي يؤمنون بها ، فهم أشخاص يملكون من الخصائص التي تمكنهم من القيام بأشياء غير عادية ويتصرفون بطرق فريدة ذات أثر كارزمي ، فخارطة الطريق لديهم واضحة ورؤيتهم واسعة فهم قد يكونون في قيادة الدول أو المؤسسات وربما علماء أو وزراء أو مؤثرين في محيطهم ، في كتاب القيادة الإدارية النظرية والتطبيق للمؤلف بيتر نورث هاوس ذكر جملة من خصائص القادة التحويليين الذي أثروا في أتباعهم وذكر أنهم يختلفون عن القادة التبادليين الذين يتعبونهم الأتباع لأجل المصلحة الخاصة ، وكان من أهم عوامل قيادتهم الاهتمام بالأفراد في تعليمهم وتوجيههم وبناء قدراتهم والرفع من همتهم ، وكذلك الدافعية الإلهامية في توحيد الأتباع نحو الهدف وإلهامهم رؤية مشتركة وتحفيزهم ، وكذلك التأثير المثالي للأتباع بما يمتلكونه من كاريزما تجعل تصرفاتهم نموذجية واضحة وسلوكياتهم الأخلاقية عالية ويفرضون احترامهم بما لديهم من معتقدات توافق تطلعات الأتباع ، وكذلك يمتلكون الحفز الذهني بتبني أساليب وطرق ابتكارية للتعامل مع القضايا التنظيمية وحل المشكلات ، والقادة التحويليون في كل مكان يوجدون الثقة في أتباعهم من خلال جعل مواقفهم الخاصة معروفة وواضحة ويهدفون إلى رفع الهمة والوعي لديهم وجاذبيتهم بديهية، وفي زمننا نجد قيادتنا الرشيدة في المملكة العربية السعودية الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله والأمير محمد هو مهندس رؤية المملكة 2030 والتي تبنتها الدولة: نحو وطن طموح واقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي وكان فكرهم الإستراتيجي التغيير والتحول الوطني والمنافسة الدولية حتى أصبحت المملكة من الدول العشرين التي تمثل أكبر اقتصاديات العالم وهي الآن محط الأنظار عالمياً على الصعيد الاقتصادي والسياسي والثقافي وغيرها من جوانب التميز التي ألهمت الشعب في تحقيق الرؤيا وآمنت بها لتحقيق الأهداف المشتركة ، فالقادة التحويليون يولدون في كل زمان وتأثيرهم غير عادي وسقف طموحاتهم يتعدى عنان السماء .