ماعندي وقت!

بقلم/مشاري محمد بن دليلة
كاتب في الشؤون الاجتماعية والثقافية

مع تقارب الزمان وتسارع الأيام ونهضة البلدان و الازدهار الاقتصادي و التقدم التقني العالمي وكثرة المغريات والملهيات وانتشار برامج ووسائل التواصل الاجتماعي وكثرة المناسبات الاجتماعية وازدحام الطرق، يعيش الفرد في تحدٍ لعدم وجود وقت للعبادة أو التقدم المعرفي أو ممارسة هوياته وغيرها من الطموحات ، تبدأ السنة ثم تنقضي في لمحة بصر ويبدأ الشهر واليوم وينقضي وهكذا، ثم تنظر ما حصلته تجده لا شيء ، يولد لك ابن ثم يكبر ثم يدرس ويتخرج وتقف مع نفسك فتجد أن ذلك مر بسرعة كشريط ذكريات في حياتك، كم منا كان له أعمال يعملها جميلة ورائعة وذات أثر في وقت من الزمن ثم لما كبر لم يستطيع أن يكملها، كأن يعمل في تجارة أو له ورد يومي من القرآن والأذكار أو عمل فني أو برنامج رياضي وغيرها من جماليات الحياة ، فلما كبر وارتبط بزواج ورزق بذرية أصبح يقول لا يوجد لدي وقت، قف مع نفسك هل فعلا لا يوجد وقت أم أنت لم تخصص وقتاً؟
كم من ساعات تقضيها في ازدحام السيارات؟ أليس هذا وقت ثمين لكي تستفيد منه، وبخاصة أن اليوم عبارة عن 24 ساعة إذا حسبت وقت العمل والنوم والصلاة وازدحام الطرق يتبقى معك من ثلاث إلى أربع ساعات! أليس هذا وقت يمكنك استثماره؟
هل تعلم أنك عندما تقرأ القرآن يوميًا بين الأذان والإقامة سوف تختم كتاب الله في عشرة أيام، هل تعلم أنك عندما تقرأ كل يوم كتاباً في عشر دقائق سوف تختم المجلدات في نهاية السنة، هل تعلم أنك عندما تعطي نفسك يوميًا ساعة لتعلم اللغة الانجليزية سوف تتعلمها في وقت وجيز.
لقد أصبحت الحياة ثقيلة على البعض لأن برنامجه اليومي أو الأسبوعي متكرر لا يوجد فيه جديد، فلا بد من خارطة طريق ترسم مسيرة حياتنا وأهداف نسعى لتحقيقها، ولكن للأسف كبلتنا الوسائل التقنية ولا سيما الجوال حتى أصبحنا أسرى لتلك البرامج التقنية المستحدثة من غير وعي.
تذكر أخي القارئ أن لنفسك عليك حقاً في العبادة والتسلية فلا تدع عقلك وعمرك يقفان عند مرحلة من الزمن، فالعمر عبارة عن أرقام تعبر عن مسيرة حياتك، فكم من أناس ارتفعوا علميًا ومعرفيًا في الدراسات الجامعية أو العليا وهو ابن الخمسين والستين كم من أمهات ختمن كتاب الله وهم في السبعين، كم من أناس تعلموا اللغة الانجليزية وهم في الأربعين، لا تعطِ نفسك هواها، وكما قال الشاعر:
أأبيت سهران الدجى وتبيته
نوما وتبغي بعد ذاك لحاقي
عن أبي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي قال: قال رسول الله ﷺ:( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه)
تذكر أنك محاسب على تلك الأيام وعن مالك وعن بدنك فقرب إلى الله ما تجود به نفسك واستثمر أيامك فهذه الدنيا ليست دار مستقر بل دار ممر والعبد يؤجر على عمارة الأرض والتقرب من الله ولو بشبر فيقترب الله منك باعا، نحن نعيش في مملكتنا العربية السعودية وقد حبانا الله بالنعم والفرص الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والإنسانية، تستطيع أن تقدم وتساهم في التنمية في كل وقت وحين فكن إيجابيا وأقبل بنفسك وانظر إلى الحياة الدنيوية بعين الطموح وأنها سوف توصلك للآخرة.
أعجبتني عبارات من أحد المثقفين عندما قال ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻷﺻﻠﻴﻴﻦ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ‘ ﺍﻷﺭﺽ’ ﺑﻞ ﻧﺤﻦ ﻧﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ أﺑﻮﻧﺎ آدم ﻳﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺰﻟﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻣﺆﻗﺘﺎً ﻟﻜﻲ ﻧﺆﺩﻱ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭﺍً ﻗﺼﻴﺮﺍً ﺛﻢ ﻧﺮﺟﻊ بسرعة ﻓﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻚ ﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﻘﺎﻓﻠﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻌﻮﺩ بنا ﺇﻟﻰ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ اﻟﻮﺍﺳﻊ ﻭﻻ ﺗﻀﻴﻊ ﻭﻗﺘﻚ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ عش حياتك لله تكن أسعد الخلق.

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

معًا يمكننا أن نفعل الكثير

أميرة المغامسي. أي نجاح لمنظومة عمل قادرة على خلق بيئة تعايش بين أفرادها ، فالجهد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.