بقلم اللواء الركن الدكتور مهندس بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود
صحيح، تشرَّفت بكتابة مقالات عديدة عن حادي ركبنا، قائد قافلة خيرنا القاصدة إلى الأبد إن شاء الله، خادم الحرمين الشريفين، سيِّدي الوالد المكرم، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه، وسدَّد على طريق الخير خطاه. وبالطبع، سبقني آخرون كثر، ومثلي اليوم أكثر، وحتماً سيأتي بعدنا أكثر منَّا جميعاً، ممن يتشرفون بالكتابة عن مليك الحزم والعزم والحسم والرأي السديد نثراً رصيناً وشِعْراً مدبجاً جزلاً؛ يعددون مآثر مقامه السامي الكريم، ويعبرون عن شكرهم وتقديرهم، وعرفانهم وامتنانهم لعمله الدءوب من أجل حفظ كرامتنا ورفاهيتنا، ورفعة بلادنا وحماية استقلالها، وخدمة مقدساتها، ورعاية ضيوف الرحمن، والتضامن مع العرب والمسلمين حيثما كانوا في بلاد الله الواسعة، والتعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في العالم بأسره.
أقول، كلنا حريص على الإدلاء بدلوه في الثناء على هذا الرجل الكبير، القائد البطل النادر، في زمنٍ عزَّ فيه الأبطال، وتوارى القادة والزعماء المصطنعين خلف فشلهم؛ لنؤكد جميعاً اعترافنا بالحق لأهله. ومع هذا، مهما أخلصنا النية، وأبدعنا في الكتابة شِعْراً ونثراً، لن نوفيه حقه علينا، بل قل لن نوفي هذا الرجل الكبير حتى و لو نزراً يسيراً من كثير حقه علينا.
وتحضرني هنا مقولة شهيرة لمقامه السامي الكريم، يرددها كلما تحدث عن والد الجميع المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، وهو الرائد الذي لم يكذب أهله قط، إذ يقول: (مهما كتب المؤرخون من عرب وعجم عن الملك عبد العزيز، فإنهم لن يوفوه حقه حتى إن كتبوا ألف كتاب أو أكثر).
وبالمقابل أقول: إننا لن نحيط بكل جوانب شخصية قائدنا إلى المعالي اليوم، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حتى إن كتبنا ألف كتاب أو أكثر. بل سيظل مثل ذلك الجهد المتواضع قاصراً عن التعبير عمَّا تجيش به نفسنا من مشاعر عديدة، تجاه ربَّان سفينة الخير والأمن والسلام والاستقرار.
كيف لا وقد أفنى هذا الزعيم الشامل المبارك حياته كلها رسولاً للخير والاطمئنان والأمن والأمان. وكلنا ندرك جيداً عمله الدءوب الصادق المخلص عندما كان يعتلي صهوة إمارة منطقة الرياض التي تمثل المجتمع السعودي بكل ألوان طيفه، لاسيَّما الرياض العاصمة التي نقلها سلمان من دكاكين دخنة إلى مركز الملك عبد الله المالي، بل قل حقق سلمان لمعشوقته التي أدمن حبها أكثر من هذا، إذ نقلها إلى التراث العالمي الذي احتفي بتسجيل الدرعية وحي طريف ضمن معالمه البارزة، تأكيداً لمكانة بلادنا التاريخية، إذ يعد أول مخطط إستراتيجي ومنظم لمدينة الرياض ومحافظة الدرعية. فتمردت الرياض على أسوارها التاريخية، مع ما كنا نجده في تلك الأسوار من عبق الماضي التليد، بجهود مهندس نهضتها سلمان الوفاء، لتصبح عروس العواصم، وأسرع مدن العالم توسعاً؛ بعد أن حوَّل حلم تطويرها بطموحه الذي لا يعرف سقفاً وإرادته التي لا تلين.
فأدهشت الجميع، وأطلق عليها السعوديون: أمارة الأمارات. ووصفوها ب (قلب سلمان النابض بالحياة والحب والعطاء). وقال عنها ابنها البار سلمان العمل والإنجاز والإبداع، بتواضع العلماء: (تاريخ الرياض جزء من حياتي، عايشتها بلدة صغيرة، تسكنها بضعة آلاف، وعاصرتها حاضرة عالمية كبرى).. والحقيقة أن مقامه السامي الكريم هو الذي نقل الرياض إلى ما هي عليه اليوم، غير أنه تواضع العلماء كما أسلفت، ومن منَّا أكثر من سلمان تواضعاً؟.