شعر/
علي بن يحيى البهكلي
أبها, 17/3/1445هـ
فضيلة الشيخ إبراهيم بن محمد خلوفة طياش المباركي قاضي الاستئناف، ومؤسس جمعية تحفيظ القرآن الكريم في جازان، من أعلام منطقة جازان، بل من أعلام المملكة العربية السعودية، توفى يوم الجمعة 7/3/1445هـ غفر الله له ورحمه وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة, وقد جمع الشيخ بين العلم والقضاء والدعوة والخطابة والزهد والعبادة وكان نموذجا في الخلق والتواضع, وقد كتبت هذه المرثية وفاءً لشيخنا الفاضل، وعزاءً لأبنائه البررة، ولكل أسرته الكريمة، ولجميع معارفه ومحبيه.
يا راحلًا تَرَكَ النفوسَ حَيارَى
ومسافرًا تَـخِذَ المآقِيَ دارا
قد كنتَ فينا ذاكرًا ومُذَكِّـرًا
وغدوتَ بين قلوبنا تذكارا
ما كان (إبراهيمُ) إلا مُزنةً
أهدتْ لنا الأنداءَ والأمطارا
ما كان (إبراهيمُ) إلا صارمًا
يا حبَّذا هو صارمًا مِغوارا
===============
للحقِّ عاشَ, فما تَـميلُ قَناتُهُ
ذاتَ اليمين مضَى, وليس يَسارا
بالحقّ عاشَ, فما تَلَوَّنَ دَربُهُ
وعلَى هُدَى الوَحْيينِ حقًّا سارا
يَـجنِي مِنَ الحقِّ الصُّراحِ ثمارَهُ
والحقُّ أطيَبُ مُـجْـتَـنًى وثمارا
يَهدِي إلى الحقِّ المبينِ بِقَولِهِ
أفعالُهُ رَسَمتْ مَدًى ومَسَارا
===============
أسَّسْتَ للتحفيظ في جازانِنا
حلقاتُكمْ قد أَنـجَبتْ أخيارا
حلقاتُ تحفيظٍ تَألَّقَ نُورُها
فالشيخ أَسَّسَ وانتقَى وأدارا
كم كنتَ تغرسُ في مساجدِنا الهُدَى!
أحسنتَ غَرْسَ هدايةٍ, وبِذارا
ومحافلُ القرآنِ أضحتْ مَعْلَمًا
جبلًا, وسَهلًا, واديًا, وبحارا
===============
شيخُ العدالةِ, والعدالةُ سَـمْـتُهُ
ما حادَ عن قِسْطاسِها, أو جارا
ما زال في سِلْكِ العدالة, يرتقِي
آفاقَها, بالعزم حاز مَدارا
حتى تَسَنَّـمَ في ذُراها قِمَّةً
زانتْ بهِ, وأضاءَها, فأنارا
ما زال يَقضِي بالنزاهة عادلًا
يُعطِي الحقوقَ صِغارَها وكبارَا
==============
وإذا ارتقَى الشيخُ الجليلُ مَنابرًا
يِنسابُ بحرُ علومِهِ مِدرارا
تُصغِي قلوبٌ, تَرتوِي بحديثِهِ
ما جاوز الآياتِ والأخبارا
وِحْيانِ.. وهو يَصوغُ منها تارةً
بُشرَى, وينذرُ تارةً إنذارا
شَكَرَ الإلهُ له جهودًا, أينعتْ
ثمراتُـها, وتدفَّقتْ أنهارا
================
مِنْ أسرةٍ عُرِفتْ بِنُبل رِجالِـها
عاشوا كرامًا, شامةً, أبرارا
للشيخِ (ناصرِنا) جهودٌ بَـرَّةٌ
في دَعم (قَرْعاوِيِّنا) إذْ زارا
فالشيخُ (ناصرُ) كان خيرَ مناصرٍ
في دارِهِ كم جَـمَّـعَ الأنصارا!
(آلُ المباركِ) بوركتْ عزماتُـهمْ
هذا العطاء مباركٌ, ما غارا
================
مَنْ يَـجمعُ الدِّينَ القويمَ, وعَزمةً
وخَلائقًا مُثلَى, يكونُ مَنارا
مَنْ يَـجمعُ العلمَ الأصيلَ, وقُدوةً
في حِكمةٍ, بَلغ السماءَ فَخارا
مَنْ يَـجمعُ الدُّنيا بِعِفّةِ نفسِهِ
والدِّينَ, زادتُهُ الحياةُ وَقارا
مَنْ يَـجمعُ النَّفْسَ الأبيّةَ, والنَّدَى
وتواضعًا, شَهْمٌ وليس يُـجارَى
=============
ولقد فُجعنا حين قالوا: صارِمٌ
أيامُهُ انصَرَمَتْ, وكان نُضارا!
فالقلبُ يَبكِي, والعيونُ مَدَامِعٌ
إنّا لَـمَحزونونِ, بل وحَيارَى
موتُ الأكابِرِ ثُلْمَةٌ, ومُصيبةٌ
لا سِيَّما العلماءَ والأبرارا
إنّ الفراقَ لمنْ نُـحبُّ لَـحَسْرَةٌ
والحُزنُ يُشعِلُ في القلوب أُوارا
===============
إنّي أُعَزِّي أهلَهُ, و(خَلُوفَةً)
(طَيَّاشَ), (آلَ مُباركٍ) أطهارا
فلتصبروا يا أهلَهُ, وادعوا لَهُ
فالشيخ كان مُوَفَّقًا صَبَّارا
إنّي أُعَزِّي (مكةً) ورِحابَـها
(جازانَ), (صامطةً), وأَنَّى سارا
مِنِّي العزاءُ لِـمَنْ أَحبُّوا شيخَنا
ولِكلِّ مَنْ تَخِذَ الوفاءَ دِثارا
==============
ربّاهُ فارحمْ شيخَنا, وتَوَلَّهُ
أَسكنهُ في الفردوسِ, طابتْ دارا
أمسَى جِواركَ ربَّنا, فاغفر لَهُ
يا سَعْدَ مَنْ قد جاورَ الغفَّارا
أنزلْهُ رَوضَةَ جَنَّةٍ في قَبرِهِ
يا ربّ, واملأ قبرَهُ أنوارا
وارحمْ بَـجودِكَ كلَّ عَبْدٍ مَيِّتٍ
واغفرْ بِفضلكَ ربَّنا الأوزارا