مهلا بني..

بقلم الكاتبة : وداد بخيت الجهني

مهلاً. ابني الغالي :أنت لم تك مجرد صرخة آلم أُطلقت في غرفة الولادة. بل أنت الدموع التي بكيتها فرحاً عند رؤيتك، ولم أبكها ألما عند وضعك، أنت اللحظة التي استراح بهاقلبي بعد الآلآم التي كانت تعتصرني أثناء حملي، أنت الأه التي دوت عالية معلنة قدومك، أنت الحضن الذي امتلك به العالم، والسعادة التي أكرمني الله بها، أنت الحياة المليئة بالتضحيات والمواجع، و نتاج صبري فيها ، أنت اللمسة الحانية التي تخفي أحزاني، أنت الضحكة الرائعة التي قلبت حياتي ولونتها وجعلتها مليئة بالأمل والسعادة، أنت اليوم الذي تجلى فيه لطف الله بي وغمرني بفيض من الحب وجعل الجنة تحت أقدامي.فما أجمل عاطفتي لأنك بداخلها! ابني مهلاً هأنت على أعتاب مرحلة الشباب أعلم أنها من أصعب مراحل حياتك العمرية، وأجملها، ستبدأ بتأسيس استقلاليتك، وستشعر بتفردك، وستبدأ بتحدي سلطتي، وستبادر بالانسحاب من عالمي إلى عالمك الذي رغبته ستُنهك نفسك بالمخالطة الزائدة، وستختار أشخاصاً دون عناية، وستخوض تجارب عدة معتمداً على ثقتك بنفسك، وستتعلم دروس صعبة؛ ستبكي، وتتألم،. سأدعك يافلذة كبدي تعيش هذه المرحلة بحلوها ومرها؛ ولكن بقلب الأم سأكون لك الطبيب الذي يعالج تبعات نضوجك الخاطئ، والبوصلة التي تُصحح لك الاتجاه لن أجعل فاتورة أخطائك مكلفة أبداً.
مهلاً ابني :فكر جيداً بالمستقبل حتى يصبح حاضراً متطابقاً مع أحلامك التي رسمتها في مخيلتك، ابني الحب لايعني أن ننظر في عين بعضنا البعض. فهو ليس عاطفة جامحة. ولا حالة انفعالية بل هو تكامل بين شخصين تفكيرهم، وهدفهم لا بد أن يكون في نفس الاتجاه، فالزواج هو ترك العقل الطفولي، و اقتحام عالم الكبار عقلاً، ونضجاً، فاختار بقلبك وعقلك حتى تكون من ارتضيتها شريكة لك هي الأفضل على الأطلاق ، حافظ على اتزانك؛ فإحساسك الداخلي لايخيب، والنغزة التي تُحسسك بشيء لاتتجاهلها، إياك ثم إياك أن يتعارك عقلك وقلبك.

بقلب الأم أقول لك أحذر أن يقول قلبك (نعم) وعقلك يقول(لا) لأنك مستقبلاً ستخوض معركة شرسة. سيترجل عقلك وقلبك سيتحرك عند رؤية الأفضل دائماً. مهلاً ابني لتكن عقليتك القبلية راقية، وواعية، ومثقفة، يا بني الأنثى هي سر الوجود بمختلف مسمياتها أم، زوجة، أخت، ابنة، هي الحياة ولاتحلو الحياة إلا بها؛ لاتنعتها بناقصة (عقل ودين)، لاتُعيشها دائماً تحت القصف، لا تتحيز لحقوقك على حسابها، أعتز بشرقيتك؛ لكن امنحها كينونيتها، لاتتمسك بحبال الماضي، ولاتفتخر بتقاليد، وعادات بالية، ومأساوية في كثير من الأحيان، فالعادات التي تستعيب منها كأنثي هي نفسها العادات التي تستعيب من بكائك كرجل وتنعته بالضعف، أمّا عبارة (وراء كل رجل عظيم أمرأة) هذه العبارة قالها نابليون بونابرت ولم يقصد منها سوى مدح وتبجيل نفسه فقط. أمّا ( وراء كل امرأة عظيمة نفسها) فهي ترنيمة انشدتها أمرأة في لحظةغضب لإثارة رجل ، فالعظمة يابني تكمن في الشخص ذاته ذكراً أم أنثى فمن يتحلى بالإرادة، والعزيمة القويتين؛ لن يتمكن أي شخص أن يحرفه عن طريقه، وأن كان ذلك لايُقلل من أهمية تأثير وتشجيع الطرف الآخر، صدقني يابني : فلن تسبقها بمقدار قمحة، وهي لن تسبقك بمقدار شعرة، لا أنت سيد الميدان، ولا هي سيدته أنتما الأ

اثنان معاً سيدا الميدان، أنت تاج؛ والتاج لاتحمله ألاّ الملكات، اجعلها ملكة في قلبك، تجعلك تاجاً على رأسها. وبقلب الأم سأخبرك بمقولة الكاتب أنيس منصور( المرأة كالشعلة إذا عرف الرجل كيف يمسكها أضاءت طريقه، وإذا أخطأ في مسكها حرقت يديه).

ابني آخراً وليس أخيراً تأكد أن كل القلوب يغيرها الوقت ألا قلبي فهو جنة دائمة؛ فإذا قست عليك الدنيا تجاهل العالم واتجه نحوي.

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

قناع الابتسامة

حمساء محمد القحطاني _ الافلاج تلك الضحكة التي أطلقها في وجه الحياة وتلك الابتسامة الهادئة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.