بقلم: د. عبدالهادي براك الصاعدي
يستعد المعلمون (والمعلمات) مع بدء العام الدراسي للانطلاق في أداء رسالتهم فيعودون إلى ميدان التدريس حاملين هماً وطنياً واجتماعياً يتمثل في صناعة جيل من الكوادر البشرية، يسهم في إعمار الأرض، ويأخذ على عاتقه مهمة إكمال مسيرة البناء والتطور في هذا الوطن الطموح.. في المملكة العربية السعودية.
يعودون إلى ميدانهم بمهام كثيرة وكبيرة لا يقدر حجمها إلا من تقلد رسالة التعليم، أو خاض مجال التدريس، أو اطلع عن قرب على مهنة المعلم. يعود أبطال هذه المهنة العزيزة إلى مدارسهم وفي أيديهم أدوات البناء والصناعة، وبين أضلعهم علماً وفناً وبراعة، وهم بالتأكيد على علم ووعي بأنهم يمثلون حجر الزاوية في نظام التعليم. والقوة المؤثرة على حياة الطلاب، فليشعروا بالفخر تجاه مهنتهم وليعتزوا بها؛ لأنها رسالة ربانية عالمية، تبناها الأنبياء، وتسابق إليها العلماء، وصلّت على مؤديها ملائكة السماء.
وليستشعر (أبطال التعليم) مع أولى خطوات العودة أن المهمة ثقيلة، وأن قيادة هذا الوطن الغالي وفي ظل رؤية السعودية 2030 قد خصت التعليم بدعمٍ لا محدود، وأولت المعلم مزيداً من الاهتمام، وأن شباب الوطن وعماد المستقبل أمانة بين أيديهم، فالمعلم الموفق من يحفظ هذه الأمانة، ويخلص في أداء الرسالة. والمعلم (المبدع في تخصصه) هو من يخطط لعمله، ويطور نفسه من خلال التأمل في أدائه ومخرجاته السابقة، ولا يتوقف عن تحسين مهاراته ومعارفه بالقراءة والاطلاع والتدريب وحضور اللقاءات وورش العمل والتواصل مع زملاء المهنة. ويعمل على السعي الدائم لتوفير أفضل تجربة تعليمية لطلابه، باستخدام استراتيجيات متنوعة وطرائق تدريس مبتكرة، وتوظيف التكنولوجيا التعليمية والأنشطة التفاعلية والألعاب والتطبيقات التي تجعل الدروس مثيرة وشيقة، وتعزز مشاركة الطلاب وتعمق فهمهم بشكل أفضل، مستفيداً في كل ذلك من أحدث الابتكارات والأبحاث في مجال التعليم.
أما المعلم (المبدع تربوياً) فهو من يعمل على بناء علاقة إيجابية مع طلابه، ويتبنى فكرة أن كل طالب يمكن أن يكون طالباً متفوقاً. وهو من يصغي إلى طلابه ويستمع إلى استفساراتهم ومخاوفهم، ويصبر عليهم، ويغرس فيهم قيم المواطنة ويجسد من خلال القدوة قيم التسامح والاعتدال ويعزز السلوكيات الإيجابية، ويقدم لهم نماذج من القدوات في المجتمع، ويشجعهم على المشاركة في الأنشطة الطلابية والمشروعات الاجتماعية، لأنه يعي دوره في إعداد الطلاب ليصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع.
أما بعد..
فإن المعلم متى ما أخلص في أداء رسالته حفظ المجتمع مكانته وجعله رمزاً من رموز المعرفة، ومرجعاً في التوجيه، وشريكاً في التربية، فهنيئاً لك أيها المعلم بمهنتك الشريفة، عد بهمتك المعهودة، واستمتع بعملك، ولا تنس أن تعتنِ بصحتك ورفاهيتك الشخصية، وتذكر دائماً أن المعلم ثروة وطنية غالية، وجزء أساسي في بناء المستقبل.