د. وسيلة محمود الحلبي
أوضح الدكتور مرتضى الزيدي مدير شعبة الإعلام في كلية الطب جامعة ذي قار بأن الجامعة تبنت القيام بعدة ورش تثقيفية توعوية مكثفة لتوعية المجتمع الذي قار عن مخاطر ( الجندر – والتنوع الاجتماعي ) وبرعاية رئيس جامعة ذي قار الاستاذ الدكتور يحيى عبد الرضا عباس وبإشراف السادة عمداء الكليات كافة .
وقد تم تعريف الجندر: بأنه مصطلح غربي، لم يعرف حتى الآن تعريفا دقيقا وحاسما، وهو على خلاف الأعراف البحثية والعلمية، التي تواطأ العلماء على وضع التعريفات والبناء عليها، وسبب عدم وضع تعريف واضح لهذا المصطلح لما يحمل في داخله مضامين خطيرة، وفي هذا المقال سألقي الضوء على ما يقصد به هذا المصطلح وبعض من آثاره.
فكلمة ( جندر) Gender كلمة إنجليزية مشتقة من أصل لاتيني، وتعني لغوياً Genus أي (الجنس من حيث الذكورة والأنوثة).
وظهر هذا المصطلح في حقل الدراسات الاجتماعية على يد الباحثة الانجليزية ( آن أوكلي ) التي ألفت كتابا سنة 1972م اسمه ( الجنس والنوع والمجتمع)، حيث أعطت من خلاله المعنى الحرفي للجندر.
وأول ذكر (لمصطلح الجندر) كان في مؤتمر السكان في القاهرة عام (1994م)، حيث تكرر مصطلح الجندر لأول مرة (51) مرة، ثم بعد عام أقيم المؤتمر الرابع العالمي للسكان في بكين عام (1995م)، والذي تكرر فيه هذا اللفظ (254) مرة، حيث خرج هذا المؤتمر بوثيقة ميثاق بكين (معاهدة سيداو)، وهذا المصطلح حين ذكر لأول مرة اعترضت عليه الوفود المشاركة سواء الوفود الإسلامية أو الغير إسلامية، فذكر أنه مصطلح يراد به الجنس، فتمت المطالبة بتغييره فتم رفض الطلب من اللجنة المنظمة، ثم تبين بعد ذلك أن لفظ الجندر يراد به أمرا آخر يخالف الفطرة البشرية السوية، قبل أن يكون فيه مخالفة للشريعة الإسلامية، لماذا؟؟
لأن مصطلح الجندر: يقصدون به النوع، أي إلغاء الفوارق بين الذكر والأنثى بحيث يكون رده إلى النوع الإنساني، أي أن الذكورة والأنوثة عبارة عن نوع واحد، بمعنى أن الإنسان يولد كإنسان فقط. وقد عرفته منظمة الصحة العالمية: ( المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة على أنها صفات اجتماعية مركبة، أي لا علاقة لها بالاختلافات العضوية والتركيب البيولوجي).
وهذا بالتالي يقودنا لنتعرف على الدلالة الحقيقية لهذا المصطلح:
مصطلح الجندر: هو مصطلح مراوغ وفضفاض، وقد أثار الكثير من الجدل بشأن الأهداف الحقيقية من ورائه…!!
ويمكننا أن نقول بأن مصطلح الجندر: يشير لجنس ثالث ليس بالذكر وليس بالأنثى، وإنما هو جنس ثالث تحدده الأعراف الاجتماعية، والاختيارات الإنسانية، وليس هناك اعتبار لأعضائه الجنسية.
فالإنسان كونه ذكرا أو أنثى بالمعنى العضوي ليس له علاقة باختياره لأي نشاط جنسي قد يمارسه، فبحسب مصطلح (الجندر) يمكنه اختيار هويته الجنسية، الرجل الذكر قد يختار ليصير أنثى، والمرأة تصبح ذكرا بناء على الرغبة الذاتية والاختيار الشخصي، فالمرأة ليست امرأة إلا لأن المجتمع أعطاها ذلك الدور، والرجل ليس رجلا إلا لأن المجتمع أعطاه ذلك الدور، وهذا خلاف الأنوثة والذكورة كما جاءت في الخلق، والدين، والأعراف السوية، فالإنسان إما أنه ذكر أو أنه أنثى، وهذه إرادة إلاهية، فالله خلق الإنسان إما ذكرا أو أنثى، يقول تعالى: (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى)، فالذكورة والأنوثة هي إرادة إلهية، وهي من مستلزمات الفطرة.
وبالتالي فإنه من الطبيعي أن ينتج من هذا المصطلح رجل متأنث أو يتوهم أنه امرأة، أو امرأة ذكورية ترى نفسها ذكرا، وعليه فإن مفهوم الجندر هو أوضح صورة للحيوانية التي وصل إليها الغرب، وهو ليس إلاّ أداة لتمرير أهداف شديدة الخطورة على الأسرة.
تقول المفكرة الفرنسية (سيمون دي بوفوار) صاحبة كتاب (الجنس الآخر): ” الواحدة منا لا تولد أنثى، ولكن تصير أنثى”، بمعنى أن المجتمع والتنشئة الاجتماعية هي من جعلت منك أنثى وامرأة، وإنما تولدين جندر فقط، أي مجرد إنسان، وهي ومن على شاكلتها تدعو لطمس كل الفروق بين الذكر والأنثى، وتبادل الأدوار، ليس من باب التكامل، وإنما من باب التنافس، وإلغاء الزواج والرجل من حياة المرأة!
الهدف من نشر هذا المفهوم: يكمن في أمرين مهمين، وهما:
الأمر الأول: بما أن الجميع جندر، وبالتالي فإن العلاقة الجنسية الشاذة المحرمة بين النساء أو بين الرجال مجرد جندر مع جندر، إذا فلماذا الاعتراض على مثل هذا النوع من العلاقات
الأمر الآخر: نشر المساواة التامة بين الرجال والنساء بحجة أن الجميع هم جندر، فلذلك طالبوا بأن يكون هناك جندرة سياسية، وجندرة اقتصادية، وجندرة اجتماعية، وغيرها من أنواع الجندر في مجالات الحياة.
حتى إنهم طالبوا بالمساواة حتى في الألفاظ ما بين الذكر والأنثى، وقاموا بإصدار نسخة منقحة للعهد الجديد من الكتاب المقدس، قاموا بإلغاء ضمائر التذكير والتأنيث فيه، كما أقاموا مؤتمرا في اليمن في عام (1997م) بعنوان: جندرة اللغة.
إذا فمصطلح الجندر: يحمل مضمونا تنويريا في نظر دعاته، وهو تحرير المرأة من كل القيود التي فرضها المجتمع عليها، وهذه الدعوة لا تنطق بالمساواة بين الرجل والمرأة فقط، بل تصل لحد التماثل الحقيقي.
كما أنه فلسفة ونظرية لإحداث تغيير في بناء الاسرة، وإلغاء الدور الأمومي للمرأة، وفي السماح بحرية الشواذ نساء ورجالا، فيريدون أن تصبح كلمة “الجندر” بدلاً من الرجل والمرأة، وكلمة “الشريك” بدلاً من الزوج، وكلمة “الشراكة” و”الاقتران” بدلاً من الزواج والأسرة. وهذا سبب إبقاء هذا الكلمة بدون تعريف.
وعلى مر التاريخ وتعاقب الأمم والحضارات كانت المرأة ممسوحة الهوية، فاقدة للأهلية، منزوعة الحرية، لا قيمة لها أو شأن، بل كانت تعتبر متاعا تباع وتشترى كسلعة خسيسة، وأنها خلقت لخدمة الرجل، تقاسي أنواع الظلم والقهر والذل، حتى جاء الإسلام، وكرم المرأة، فجعل لها مكانة كريمة علية، وجعلها شريكة للرجل، لها ما له، وعليها ما عليه، وقرر لها من الحقوق والميراث، والاهتمام، وأوصى بهن خيرا، وغير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره.
وما نراه الآن من مطالبة بالمساواة، وإلغاء للفروق ما هو إلا ترجمة للغضب الذي يجتاح نساء الغرب، ولمن ينعق بمثل نعيقهن من بني جلدتنا الخارجين على الدين الإسلامي، والمنتسبين إليه يا للأسف، فما لنا ولهم، ولكنه الهوان التي آلت إليه الأمة!!