بقلم /
المستشارة الأسرية : هدى الأحمدي
ضحكات تجلجل المكان وتباشير الفرح والسعد تعم أركان الحياة داخل منزل أروى تلك السيدة الأنيقة في مظهرها والراقية في حديثها صاحبة أعذب ابتسامة وهي تستعد لحفل زفاف ابنتها آلاء ومع كل تلك مشاعر الفرح إلا أنها تحمل في قلبها غصة أليمة بسبب قطيعة كبيرة بينها وبين أم زوجها وأخوات زوجها كذلك
وهي تريد أن تكتمل تلك الفرحة حاولت أروى أن تفتح أبواباً عديدة للصلح لكنها باءت بالفشل خاصة أن هناك تراكمات لمشكلات عديدة ، طوت أروى جراحها وبدأت تكمل استعداداتها بينما رن هاتفها النقال تنهدت بفرح وهي تنظر لاسم المتصل :
من معقوووول!!
قالت في نفسها منذ ثلاث سنوات لم أسمع صوت صديقتي أسماء ربما أنها علمت بفرح ابنتي وأحبت أن تبارك لي!!
ثم بدأت المكالمة بأنواع الترحيب وذكريات الطفولة ثم مراحل الدراسة الجامعية التي جمعتهما سوياً ثم توقفت أسماء عن الحديث قليلاً وقالت بصوت يكسوه الأسى، تخيلي يا أروى أصبحت أشعر أني غريبة بين أخواتي فهن يخرجن للنزهات سوياً وأنا لا أعلم عن هذه الترتيبات مسبقاً بل أوقات أكن معهن في نفس المساء ثم أتفاجأ من وسائل التواصل أنهن قد اتفقن على سهرات أو مولات أو كافيهات بدوني وكأنها مؤامرة حتى بت أشعر بالغربة وأنا وسط أخواتي علماً أنه لاتوجد بيننا مشكلات أو حتى سوء تفاهم!!
قاطعتها أروى حتى تلطف الأجواء قائلة : لاتفكري بهذه الطريقة تحدثي مع أخواتك صارحيهن بشعورك ربما تكون صدفة أو ربما أنت حساسة زيادة عن اللزوم ثم أردفت قائلة: باركي لي فغداً زفاف آلاء ابنتي الكبرى ،باركت لها أسماء ولم تجد جواباً أو رداً شافياً من صديقتها؟!
منتصف الليل والساعة تشير إلى الواحدة صباحاً تصفحت دانا هاتفها فوجدت رسالة من إحدى صديقاتها وهي تخبرها أن مابينهما قد انتهى لمجرد عدم مقدرة دانا على حضور مناسبة للأخرى.
وتساءلت هل ممكن عشرة تلك السنوات تضيع هباءً منثوراً لمجرد أننا ربما لاتسعفنا الظروف ولا الامكانيات لمشاركة غيرنا مناسباتهم ؟
أما نهى فهي تكره أسلوب من يتصل بها فقط لحاجته وكانت دائماً تكرر عباراتها المشهورة : ”ما اتصلت فيني إلا وقت الحاجة”
كثير مرت علينا مثل هذه المواقف بل ربما أحد هذه المواقف السابقة قد مرت بك يامن تقرأ هذا المقال وحال نفسك يقول:
جبتيها ع الجرح
علينا أولاً أن نثق تماماً أنه إذا ضاقت على أحدهم لن يتذكر إلا من هو كفء بعد الله، فإذا اتصل عليك أخ أو أخت قريب قريبة صديق أو صديقة لم تعتد على اتصاله إلا في حاجة له تأكد أنه أختارك لأنه يراك كفء
كن عند حسن الظن وقل الحمدلله الذي أكرمني بقضاء حوائج الناس
أما ماحصل في بعض المجتمعات من عدم تواصل إما قطيعة رحم أو قل التواصل فهو يعود بالدرجة الأولى إلى عدم استشعار نعمة الوصل والتواصل بين الناس وخاصة الأرحام والأقارب
صلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقربين وإيصال ما أمكن من الخير إليهم ودفع ما أمكن من الشر عنهم ، وقطيعة الرحم تعني عدم الإحسان إلى الأقارب, وقيل بل هي الإساءة إليهم ، لاسيما وكلنا نعلم تماماً: أن صلة الرحم واجبة في الجملة, وقطيعتها معصية من كبائر الذنوب.
وأجمل ماقيل في الوصل بين الأحباب:
أحبّ لقا الأحباب في كل ساعةٍ لأن لقا الأحباب فيه المنافعُ
أيا قرّة العيون تاللَه إنَّني على عهدكُم باقي وفي الوصلِ طامعُ
لقد نبتت في القلبِ منكم محبّة كما نبتت في الراحتين الأصابِعُ
وحقيقة هامة جداً كي تعيش سعيداً : لا تُراقب الناس و لا تتبع عثراتهم و لا تكشف سترهم و لا تتجسس عليهم اشتغل بنفسك و أصلح عيوبك فسوف تسأل عن نفسك فقط لا عَنْ غيرك ، ولاننسى التحذير من قطع الأرحام والصلة.
قال تعالى :
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) سورة محمد
وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموما ، وعن قطع الأرحام خصوصا ، بل قد أمر [ الله ] تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام ، وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال.
وإن كانت هناك خصومة فليجهتد أحد المقربين في الاصلاح قدر الامكان ويبذل الجهد في ذلك بقدر المستطاع .
همسة ختامية:
أنت لا تعلم ماذا تفعل كلماتك بأحدهم؟ أنت ترحل وهي تظل مضيئة بداخله أو ربما تطفىء ضوءه إلى الأبد..
اختاروا أن تكون كلماتكم مضيئة لكل من تحبون خاصة الأهل والأقارب وكل من لكم به صلة .