فلنتصادق مع التكنولوجيا

بقلم: بهيرة الحلبي
لقد فرحت صديقتي كثيراً وشعرت بالانتصار عندما أعطت طفلها الصغير جهاز الآيباد ، ليتوقف عن البكاء وينزوي بعيداً عنها في غرفته الصمّاء ، يقلب شاشته الالكترونية ، ويستعرض ما احتوته من صور وفيديوهات ، ثم يستقبل ما يبثه العالم الافتراضي من مشاهد وأحداث قد تحتوي الغث الكثير ومن السمين القليل القليل ..
لقد نسيت صاحبتي أن طفلها المغلوب على أمره ، كان يريد أن يجري ويلعب فيقوى جسمه ، ويرسم ويلون فيسعد ويبتهج ، ويشارك في الحوار فيتحسن نطقه وتنمو مهاراته ، ولأنه ُولِد على الفطرة السليمة ، فقد كان محقاً في البكاء ، ويستصرخ غريزة التفاعل البشري ، ولم يكن أبداً ينشد الاختفاء خلف شاشات تشل الحركة وتلجم اللسان .
الآن وبعد أن أصبح الانترنيت هو محور حياتنا والذكاء الاصطناعي يهدد وجودنا ، وبعد تصريح ايلون ماسك (ملك التكنولوجيا ) ، بأن الذكاء الاصطناعي سيسيطر على حياة الانسان في المستقبل ،وسيتجاوز قدرات البشر وحتى تقنياته ستكون مفتوحة المصدر ويمكنها تجاوز كل الاختبارات ، فنحن هنا أمام امتحان صعب ، يفرض علينا وبقوة ، أن نعلق الجرس ونبحث عن حلول تقينا شر هذا الدخيل الجديد الذي لا مفر منه ، والسعي للحد من تأثيره السلبي على جودة حياتنا ، بحيث نستفيد من مخرجاته للصالح العام والتنمية المستدامة .
وعلى قول الشاعر المتنبي :
ومن نكد الدنيا على الحرّ… أن يرى عدواً له ما من صداقته بدٌ !
وتماشيا مع صرعات العصر ، فإن أطفالنا سيقتربون من الأجهزة الذكية شئنا أم أبينا ، فهو متاح بين أيديهم سواء في البيت وبرغبة الأمهات كما أسلفنا ، أو في المدرسة التي قد تلزمهم باستخدامه من أجل التعلم عن بعد أو للبحث والمتابعة ، ولهذا تقع على الأهل مسؤولية زيادة وعي أبنائهم الاجتماعي ، وإعدادهم جيداً للتحكم في تصفح مواقع الانترنيت ، وفهم ما تعنيه التكنولوجيا ، وفهم الرسائل النصية ، وضوابط النشر عبر منصات السوشال ميديا ، وتحديد مدة جلوسهم أمام الشاشات ، وتعليمهم مهارات البرمجة والترميز ( coding ) التي تحفزهم على المثابرة والابداع .
وبما أن الذكاء الاصطناعي موجود في كل مكان حولنا ويكمن في خلفية أي بحث نجريه ، وحيث توسعت استخداماته في الطب والهندسة والتعليم والصحة وعالم المال والأعمال وغير ذلك ، فإن معيار نجاح أي مؤسسة أو هيئة أو شركة ، صار يقترن بمدى قدرتها على تحليل وأتمتة بياناتها ، الأمر الذي سيجعل عملها أكثر دقة وأسرع انجازاً وأقل تكلفة ..
إذن فلنتصادق مع التكنولوجيا ، ولنبحث لنا عن مقعداً فيها بحيث نسهم في تطوير برامج ذكاءها الاصطناعي ودعمه بخوارزميات شاملة وشفافة ، وإثراء عناكب بحثه بمحتوى فكري ومعرفي لامع ، ولعل الروبوت الآلي الأخير شات جي بي تي (ChatGPT) الذي أطلقته شركة openAI هو أفضل مجيب على استفسارات مستخدميه ، وهو خير من يوصل صوتنا إلى العالمية ويعزز مكانتنا بين الأمم ، والله أعلم !

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

كبري رديس

أحمد جرادي تأمل الجميع أن تسارع الجهات المعنية بكبري رديس ان تجد حل جذري وسريع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.