أ. عمرو عادل بسيوني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
وأنا أتصفح خلال الفترة الماضية عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي ، وجدت الكثير من الأمور المُزعجة والقاهرة والمٌقلقة ، والتي لم يُسلط الإعلام التقليدي عليها الضوء عبر وسائلة وبرامجه ؛ بالرغم من كونها مواضيع هامة وضرورية لتثقيف المجتمعات العربية بالحقائق الغائبة والغير ظاهره عن بعض المجتمعات التي تدّعي الحُرية والإنسانية ، وهي تمارس أشد أنواع القمع على من يتواجدون بها ، وخصوصا على الفئات العربية المسلمة ؛ الذين قدموا إليها للحصول على حياةٍ كريمة وعيشةٍ رغيدة مثل ما كان يصورها لهم الإعلام العربي من مثالية وديموقراطية وحُرية فكرية مجتمعية لتطبيقهم لمفهوم الرأي والرأي الأخر ، حتى ظهرت لهم الحقيقة المؤلمة والتي تتمحور حول تقنين هذه الحرية وهذه الديموقراطية وعدم الاعتراف بها في حال كانت تتعارض مع أفكارهم وموضوعاتهم الأساسية ، فهم يعترفون بحُريتك وبحقوقك عندما تكون متوافقة معهم غير مُعارضه لهم ، ويطبقون الديموقراطية وحُرية التعبير في الموضوعات الثانوية والغير مؤثرة ، لكن عندما تتعارض الآراء مع سياستهم وخططهم وتوجهاتهم ، فإنهم سيتجاهلونها ولن يحترموها وسيصفونها بالأراء المتطرفة والغير منفتحة والغير متطورة ، بل سيصل بهم الأمر إلى استغلال كل السُبل المُمكنة للإطاحة بهذا الفكر وهضم كل الحقوق المجتمعية لأصحاب هذا الرأي ، وهذا ما قد شعر به الكثير من المغلوب على أمرهم ؛ حتى تيقنوا بأنهم قد غُرر بهم ، وحتى لا يكون حديثي مبهمًا وغير واضح ، سأقوم بتوضيح الأدلة والأمثلة والحالات التي تشرح حقيقتهم الغير ظاهرة وتسامحهم الزائف وديمٌوقراطيتهم المُقننة ، ومن هذه الحالات ما قام به شخص بفتح بث عندما هجم جهاز الشرطة عليه وعلى أسرته بهدف خطف طفله منه ؛ بحجج سطحيه وبالقوة الجبرية مُستغلين جهله بالأنظمة والقوانين ، دون مراعاة لمشاعر هذه الأسرة العربية المُسلمة ، كما قامت احدى النساء المٌغتربات بسبب ظروف مشابهه للحالة الأولى ، بطلب استغاثة بعدما طالبت مديرة المدرسة التي يتواجد فيها طفلها بأنها لا تود أن يحضر ابنها محاضرات الشذوذ الجنسي ؛ حفاظا على هويته الإسلامية والدينية ، وممارسة لحقها وحريتها والتي لم تتعدى حُرية غيرها ، لكنها فوجئت من طلب مديرة المدرسة لها بأن تذهب إلى دكتور نفسي وتتعالج ، فقامت بتجاهلها ، فما لبثت سوى ساعات ووجدت الشرطة عند باب بيتها ، لوجود بلاغ كيدي من المديرة بأن عائلتها لا تعترف بحقوق الشواذ ، معللةً بأن هذا الأمر سوف يؤثر على عقلية الطفل ومدى انفتاحه فكريا لمجتمعهم الهش والفقير حضاريا وتربويا ، وأخرى تأسف لحالها وتبكي دمًا بسبب ما قاله ابنها في المدرسة بأن الشذوذ تصرف غير سوي ومُحرم شرعا ، وكانت نتيجة ذلك هو حرمان هذه الأم المغلوبة على أمرها من ابنها الذي مارس حقه الإنساني والفطري في رفض هذه السلوكيات المُقيتة والنتنه ، ومحتوى آخر تشرح فيه سيده مدى الظلم الذي تعرضت له بعد خطف بناتها وذلك بعد اعتصامها وامتعاضها ضد السفيه الجاهل الذي قام بحرق أطهر الكتب وأقدسها – قبح الله عمله وفعلته – ، حقيقة المواقف كثيرة ورغم قساوتها علينا إلا أنها تعلمنا وتعرفنا الحقيقة المؤسفة والغير ظاهرة عن هذه المجتمعات الغير إنسانية والتي لا تمت للديموقراطية بصلة ، وأهم الاعتبارات والتساؤلات المستفادة من مثل هذه الحالات والتي أجزم بأنها ليست فردية هي :
١ أين الإعلام التقليدي العربي عن تغطيته لهذه الأمور البشعة والمقززة عن هذه المجتمعات ؟ لماذا لم يتم تسليط الضوء عليها لكي تحقق فائدتها التي قامت عليها وهي تثقيف الناس وتوعيتهم وتوضيح لهم الحقائق ، والتي قد تحدثت عنها باستفاضة وبشكل تفصيلي في مقالات عدة منها ( شاهد عيان في زمن كورونا – استغلال مفهوم الحرية في ممارسة الحرب العقائدية الفكرية … وغيرها )
٢. رغم الامتعاض الشديد وحالة عدم الرضا لبعض المحتويات الغير قيمه والتي تتصف بالسطحية والتفاهة في تطبيقات الإعلام الرقمي ، والتي قد تحدثت عنها في مقالات سابقة بعنوان ( امتهان التسول الرقمي – كن تافها سطحيا لتصبح ثريا ) ؛ إلا أن هذه الحالات التي تم التحدث عنها بالأعلى لم يتم تغطيتها سوى من خلال هذه التطبيقات الرقمية في ظل غياب تام من الوسائل التقليدية من صحافة وتلفزيون وإذاعة ، وهو ما يوضح مدى تأثير الإعلام الرقمي ومدى هيمنة محتوى الأفراد أو صحافة المواطن في تعزيز هذا التأثير ، والذي من المفترض أن تعتمد عليه الوسائل التقليدية معلوماتيا عند طرح مواضيعها وقضاياها
٣. أخيرا من فضل الله سبحانه ومن نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، وجودنا في وطن معطاء نعيش فيه بأمن وأمان وفي رخاء واطمئنان لم يُعكر صفونا حوادث الدهر والزمان ، نستطيع أن نمارس فيه حياة دينية طبيعية فطرية سليمة في ظل وجود قيادة رشيدة حكيمة تُعين شعبها على أمور حياتهم ، ولنرى ما حولنا من أوطان ، ونكرر الحمد ونسأل الله دوام النعم والعافية والسلامة مما حل بغيرنا ، ونستذكر واجبنا جميعاً في أهمية المحافظة على هذا الوطن ولنردد دائما ولنشكره على نعمة السعودية ، فبالشكر تدوم النعم وتزيد.