محمد الرياني
ضاع له خروفٌ فذهبَ يفتشُ عنه في أنحاء القرية ، وجدَ مع انتصافِ الشمسِ في السماءِ امرأةً تضعُ حطبًا في تنور، شكَّ في أمرها، سألها عن خروفٍ ضائع ، قالت له بلغةِ الحزم، خروفٌ في رقبتِه سواد، ردَّ بفرح : كيف عرفتِ أن في رقبتِه سوادًا ، قالت له :الخروفُ ليس من نصيبك فقد جاء تائهًا فظننتُه بلا صاحبٍ وها أنت الآن تراني أُشعلُ التنور، اشتاطَ غضبًا فهدأتْ من غضبِه ودعتْه إلى انتظارِ لحمِ خروفِه حتى ينضجَ في التنورِ ويتناولَ الطعام ، انتظرَها في الظل، قرَّبتْ له ماءً ليشربَ ويزولَ عنه الغضب، نضجَ اللحمُ ووضعتُه أمامَه ودعتْه للغداءِ وانصرفتْ لشأنها، أكلَ حتى شبعَ وهو يتلذذُ بطعمٍ لم يسبقْ له أن طعمَ مثله، سألتْه عن رأيه في طبخِها، نسيَ أنه جاء يبحثُ عن خروفٍه ، قالت له : إنني في منتصفِ العمرِ وأنتَ مثلي وليس لك من همٍّ سوى البحث عن خروفٍ ضائعٍ ، قال لها لا عليك من الخروف، هل تعنين أن يضمَّنا بيتٌ واحدٌ بعدَ أن فهمَ مغزاها ، ابتسمتْ مثلَ قمرٍ تجاوزَ منتصفَ الشهرِ بقليل، تركتْه وانزوتْ جانبًا وجاءتْ بالخروفِ تجرُّه نحوه، قالت له :هل هذا خروفك؟! نظرَ في وجهِها وهو يتعجب! واللحمُ الذي أكلتُه! قالت له لا تسل، هل تريدُ خروفك؟ لم يجبها وذهبَ لبعضِ شأنه، عاد في الليلِ ليعقدَ عليها ويولمَ بالخروفِ الضائع.