أميمة عبد العزيز زاهد
قالت: كانت آمالي في حياة مستقرة جميلة، تفوق بمراحل كثيرة طموحاتي العلمية؛ لذا فقد تركت كل شيء من أجلك، تركته بإرادتي وبدون ضغوط، كنت أراك مثل شعراء الزمن الحالم في همساتك وحنانك وكلماتك، كنت أعيش في عالم بعيد عن عالم البشر، أحلق بواقعي الجميل، مستمتعة بسعادتي معك، فلم تكن عيناي ترَى شبيهاً لك، ولم يلمس إحساسي أي خلل يشوب علاقتنا، كنت أشعر أن كل من حولي يحسدونني عليك، فلم تكن لي أمنية أكثر من أن أكون مثل أي أنثى تشعر بأن بيتها هو مملكتها، وأن زوجها يحكمها بديموقراطية الحب، وكنتَ كذلك، فلم تكن يوماً مستبداً ولا مغروراً ولا ديكتاتورياً، ولكن مع الأسف لم تستمر سعادتي الزوجية طويلاً، حتى بدأت بعدها سنوات الشقاء، كان ذلك يوم انتقلت والدتك لتسكن معنا، في البداية رحبت بها بكل الود والحب؛ فهي أم حبيبي، لم أكن أهتم بالأخبار التي تصلني عن قسوتها وتحكمها، وأنها كانت السبب في تفريق ابنها الأكبر عن زوجته؛ لأنها تعتقد بأن العالم كله لا يوجد فيه امرأة تستحق ابناً من أبنائها، ورغم ذلك تحديت الجميع في قدرتي على تفهمها واحتوائها وإسعادها، وتفننت في إرضائها، لكنها مع الأسف كانت محصنة ضد الحب، فمنذ دخولها المنزل أصبحت أحمل لقب زوجة تحت الوصاية، فكل مواقفها معي عدائية، فإذا أردت الخروج أو شراء أي مستلزمات للبيت أو لنفسي، لا بد من أن أستأذنها وآخذ موافقتها أولاً، بالإضافة لذلك فهي من يقوم بتغيير ديكورات بيتي وفقاً لمزاجها الشخصي، حتى مدرسة ابنتنا هي التي حددتها دون أي اعتبار لرأيي، حتى أدق أسراري معك والتطفل على خصوصياتي كانت على علم، بها فهي لا تتواني عن التلصص على كل ما يدور بيني وبينك، حتى ونحن داخل غرفة نومنا، وتقوم بكل جرأة بالتلميح في أمور أخجل أنا من البوح بها لأقرب قريب لنفسي.. حتى وصلت لمرحلة أصبحت تأمرني فيها بضرورة احتشامي وأنا في منزلي.
كل تلك الأمور كانت تدور أمامك، وكنت تقف أمامها مسلوب الإرادة، احتملت وصبرت ولكني تعبت، حاولت أن أتناقش معك بالعقل، وطالبتك بسكن مستقل، فأحوالك المادية ولله الحمد تسمح باستئجار شقتين متجاورتين، فأنا أرغب في ممارسة أمومتي ومسئولياتي كزوجة وربة منزل، وهذا من أبسط حقوقي، خاصة وأنت متأكد بأني أصبحت أعيش غريبة في منزلي، ولكنك استنكرت كلامي واتهمتني بأني أهين أمك، وأحاول أن أغير من طباعها وعاداتها، وعليّ أن أفهم بأنها هي سيدة المنزل الذي تتواجد فيه، وأصبحت من وجهة نظرك ناكرة للمعروف، وأثور لأتفه الأسباب، وطلبت مني عدم التمرد على حياتي،
حاولت قدر الإمكان أن أبتعد عن دائرتها؛ حتى أتحاشى أن أرد لها المعاملة بالمثل، فهي مهما كان امرأة في مقام والدتي، وفي نفس الوقت لست ملاكاً حتى أتحمل كل ما يزلزل كياني وألتزم الصمت.. وكل ما أتمناه أن تتراجع عن تعاملها السيئ معي، فأنا أريد أن أحيا بسلام.