د . علي إبراهيم خواجي
مدير فرع هيئة الصحفيين السعوديين بجازان
سعدت بحضوري حفل تدشين الديوان الشعري ” اخضرار ” للأديب الكبير الشاعر محمد بن عبده شبيلي الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون بجازان في قاعة الأحلام بالقمري مساء يوم الاثنين ١٢ / ٦ / ٢٠٢٣ م ، وكانت سعادتي بما تم الحديث به من المشاركين في تقديم القراءات النقدية أو المشاعر الصادقة التي عبر بها الطلاب تجاه معلمهم الذي ألهمهم الشعر وحب الأدب، ثم زميلهم في العمل الذي لم يعرفوا عنه إلا الانضباط والحرص والتفاني والإخلاص .
في هذه الليلة كانت القاعة مليئة بالحضور من أجل ” ابي عبدالله ” وتنوع الحضور من كل محافظات المنطقة ، وكان الجميع يتمنى ان يعتلي المنبر ليشارك ويتحدث في ليلة ” اخضرار الشبيلي ” حبا لشخصه ، واعترافا بشاعريته .
كنت أحدهم ولكن حمدت الله أن المايك لم تناله يدي أو يسمح لي بالحديث فماذا عساني أن أقول بعد النقد الفني الجمالي من الدكتور محمد عاتي ، والشعر الرصين من المبدعين ( محمد عكام و موسى الأمير ) ، والكلام البليغ من العاشقين للمحتفى به ( علي مهنا و الدكتور علي زعلة ) ، أما التقديم فقد أجاد وأبهر المتألق خليل هبلول .
قامات ادبية وحناجر مفوهة باذخة الجمال كانت تتمنى أن تشارك المحتفى به ليلته الآسرة في الجمال ، المتفردة في التنسيق والتنظيم .
وزاد هذه الليلة جمالا الحضور المهيب لأسرة المعهد العلمي بضمد مديرا ومعلمين ، متواجدين على رأس العمل أو متقاعدين ، كلهم كانوا حول المحتفى به سندا له وتأكيدا على محبتهم له .
أن كان المتحدثون يفاخرون بأن الشبيلي معلمهم ، فنحن نفاخر بأن الشبيلي ابن بلدتنا ” الشقيري ” ، أن كانوا يفاخرون بأنهم كانوا قريبين منه خلال فترة تواجده أثناء العمل الرسمي فنحن معه في باقي أوقاته ، ولعلني أكثر منهم بحكم قربي منه كجار لنا في نفس الحارة ، وبحكم العلاقة القوية التي كانت ترتبط بين والدته وجدتي لأمي، فقد كانتا كالأخوات تعيش كل منهما للأخرى وتساعدها أثناء ولادتها ، فكان الشبيلي كخال لنا في الرضاعة ،
الشبيلي حالة استثنائية فالكثير منا تجد لهم المحبين والكارهين والحاسدين ، أما الشبيلي فلا يوجد حوله إلا المحبين فسبحان من حبب فيه خلقه ، وهذا ثبت في الحديث الصحيح: إن الله إذا أحب عبداً نادى جبرائيل إني أحب فلاناً فأحبه، ثم ينادي جبرائيل في أهل السماء: أن الله يحب فلان فأحبوه، ثم توضع له المحبة في الأرض فيحبه أولياء الله وأهل طاعته، ليس أهل الشرك به، يحبه أولياء الله وأهل طاعته لما يوقع الله في قلوبهم من محبته بسبب محبة الله له .
في ليلة اخضرار شعرت ب انكسار ، ف أبا عبدالله من أوائل من حصل على شهادة البكالوريوس على مستوى المنطقة عندما تخرج من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام ( ١٣٩٨ ) ولا زلت أذكر حفل تخرجه عندما كانت الكهرباء لم تعمل بعد وكانت الكهرباء في تلك الفترة عن طريق المولدات الكهربائية التي تعمل خلال فترات معينة من المساء ، فقامت أسرة الشبيلي بدفع مقابل مالي لذلك الشخص حتى يشاهدوا حفل تخرج إبنهم ، وكانت فرحتنا كبيرة لتخرج الشبيلي وظهوره في التلفزيون ، ونال شهادة الماجستير عام ( ١٤٠٦ ) فرجع الى منطقته وعمل بالمعهد العلمي ولم يفارقه حتى تقاعد عام ( ١٤٣٥ ) بعد ( ٣٧ ) سنة من العمل التربوي ، فكان نعم المربي، ونعم المعلم المتميز ، وانكسارنا لأنه لم يكمل دراساته العليا ( شهادة الدكتوراه ) ، رغم تفوقه الدراسي ونبوغه العلمي وتميزه على أقرانه .
الشبيلي أحب الشقيري فتغنى بها قائلا :
لفتات ظبي البان في لفتاتها
ومصارع العشاق في نظراتها
غيداء فاتنة القوام مدلة
تذكي غرام الصب من بسماتها
أرخت جدائلها كليل فاحم
وبدا ضياء البدر في لباتها
في طرفها حور ، وفي إيمانها
خفر ، وفعل السحر في خطراتها
من هذه الحسناء ؟ قد أفرطت في توصيفها ، وجلوت حسن صفاتها
ونراك مشدوها بها ما ترعوي
تشم ذاتك في ثنايا ذاتها
قلت الشقيري .. هذه الألف التي
أهوى.. وآهاتي صدى آهاتها
وتنهدي أكسيرها الشافي إذا
شف الفؤاد الوجد من اناتها
انكساري الآخر عندما أشاهد هذا الشاعر الكبير وهو يطبع ديوانه الأول وهو على مشارف السبعين ، بينما مدعي الشعر في كل عام يطبع ديوانا ، فنستغرب هذا العزوف من القامات الشعرية على مستوى المنطقة عن طباعة دواوينهم الشعرية وعزوفهم عن المشاركات الأدبية على مستوى المنطقة أو الأندية الأدبية على مستوى المملكة ، والتي هم الأولى بها نظير شاعريتهم الفطرية ، ونبوغهم المبكر ، فالشبيلي ليس اولهم ، بل سبقهم الشاعر الكبير حسن أبوعلة حيث لم يطبع ديوانه إلا بعد أن تجاوز السبعين ، والشاعر الكبير غالب الأمير ” رحمه الله ” لم يطبع ديوانه إلا من خلال ابنه ” طه ” بعد وفاة والده ، فهذا العزوف عن الطباعة وعن المشاركات الأدبية تثير العديد من علامات الاستفهام ، فهم لا يجارون شعرا أو إلقاء لقصائدهم .
هل أتحدث عن الشبيلي ومكانته الاجتماعية على مستوى مركز الشقيري ، بل على مستوى محافظة ضمد ، فهو من أبرز أعيانها وأبنائها المخلصين ، أم على مكانته على مستوى قبيلة آل الأمير على مستوى المنطقة فهو من أبنائها البررة الذين تفاخر بهم القبيلة ويعد أحد رموزها .
الانكسار من حبنا لصاحب اخضرار ، وما شاهدناه في ذلك المساء يجعلنا نفاخر بأننا قريبين من أبي عبدالله فهو الصادق الأمين، والناصح المبين . والداعم بجهده وفكره وماله لكل ما يحقق النجاح لمن حوله .
وفقه الله في الدنيا والآخرة، وأن يجعل ما يقدمه في ميزان حسناته .