محمد الرياني
قبَّلتْني قبلةً واحدةً يومَ العيدِ وأشاحتْ بوجهها، اكتفتْ بابتسامةٍ واحدةٍ احمرَّ معها خدُّها ، طاردتُها لأقبِّلها أو لتمنحني قبلةً أخرى فابتعدتْ واختفتْ بين الشراشفِ الورديةِ التي تكاد تنطقُ من الفرحِ مثلَ وجنتيْها، قالت لي غدًا عيدٌ أيضًا، جعلتُ وجهي يسوَدُّ ويظلمُ من الجزَع ، قلتُ لها غدًا لن يأتيَ العيدُ ثانية، سيكونُ قد مرَّ يومان عليه، قالت : سأطبعُ لك القبلةَ الثانيةَ وسترى العيدَ وكأنه وُلدَ من جديد، طاردتُها لأسبقَ اليومَ الثاني لأضمَّها ولم أستطع، غابتِ الشمسُ وبتُّ أقلبُ بصري في السماء، أتأملُ الطبقَ العلويَّ الذي تزيَّا بالنجومِ كمن فرحَ بيومِ العيد، انطوتْ الصفحةُ السوداء، حضرتِ الشمسُ برتقاليةً كمن لبسَ للعيدِ لونًا مُشرقًا، أقبلتْ نحوي فأمسكتُ بها، وضعتْ كفَّها على خدِّها، طبعتْ على خدِّي قُبلتَها الثانيةَ واكتفتْ بها ولم تدعني أخرجْ أشواقي وآهاتي وفرحتي بيوم العيدِ في ثاني الأيام، جلستْ إلى جواري تقضمُ بعضًا من الحلوى حتى النصف، وَضعتِ النصفَ الباقي في فمي فالتهمتُه، طلبتُ المزيدَ فحركتْ رأسَها بالرفض، قالت لي بقيَ يومٌ ثالثٌ سنأكلُ المزيدَ من الحلوى ونتبادلُ القبلات، تنهدتُ وأنا أشيرُ إلى الوقتِ وأحسبُ ما بقيَ من النهار، بدا الهلالُ الجديدُ صغيرًا جميلًا والنجومُ تتلألأُ في السماءِ والعيدُ لايزالُ يغطي كلَّ الكون، أصبحَ الصباحُ فجاءتْني بلباسٍ جديدٍ وبسماتٍ كثيرةٍ ومعها طبقٌ أبيضُ يزخرُ بالحلوى، دعَتِ البقيةَ ليشاركونا الفرحة، احمرَّ خدِّي من حُمرةِ وجنتيْها، وزَّعتْ قبلاتِها عليَّ وعلى الآخرين، شعرتُ أنَّ النهارَ يمضي أسرعَ من سابقيْه، بتْنا في اليومِ الثالثِ سَهارى كما تفعلُ النجومُ في الطبقِ الأسود، قالت لي يا أبي كم هو العيدُ رائعٌ بوجودك! سيأتي العيدُ الجديدُ وقد كبرنا وأنتَ أنتَ العيد.