عوض بن أحمد العلوي
المحامي والمستشار القانوني
الإدارة القانونية علم وفن لا ينبغي أن تُترك لذوي الأهواء والميول أو لذوي القربى، فهي إدارة تحتاج لمسؤولية واحترافية..
وكما هو معلوم فالشركات تُعتبر من أهم الكيانات التجارية في المملكة بصفتها عنصر هام وأساسي داخل المنظومة الاقتصادية للمملكة، ومع تطور سوق العمل وكثرة النزاعات والصدامات القضائية والمشاكل القانونية، والتطور التشريعي والنظامي في المملكة في ظل سوق مالي واقتصادي شرس تتداعى فيه الحقوق ويبحث المنافسين فيه عن الثغرات للافتكاك بحقوقهم أو بحقوق الغير، ومن هنا كانت أهمية الإدارة القانونية للشركات في عالم الاستثمار والتجارة.
وبالنظر إلى سوق الأعمال نجد أن الشركات المتميزة تعتمد على فريق من المحامين أو المستشارين لإدارة كافة الأعمال القانونية لها، وبناء على هذا الدور كان حديث مقالنا في التعريف ببعض مهام الإدارة القانونية للشركات :
أولاً: كتابة كافة العقود المتعلقة بتعاملات الشركة
من مهام الإدارة القانونية صياغة كافة أنوع العقود التي تتطلب مهارات لغوية وفنية وقانونية، بحيث أن الصياغة الممتازة هي بمثابة التجسيد المادي للاتفاق، فالصياغة يتعين أن تتم بطريقة تضمن تعبيراً وافياً لا يقبل الشك في تفسير أي بند من بنوده العقد فيما بعد.
فالصياغة المحكمة لبنود العقد لتتوافق مع نصوص الأنظمة في المملكة العربية السعودية، تضفي أماناً لصحة الشروط المدونة في العقد مما سيعزز بدوره طوق الحماية للشركة من أي خسائر قد تترتب على تطبيق العقد مستقبلاً أو بمعنى آخر ستمنع حدوث أي مشكلة مستقبلية تتعلق بتفسير ما احتواه العقد من بنود أو في مرحلة تنفيذ ما احتواه العقد من أحكام، فالعقود – كما هو معلوم – هي المرجع الأساسي فيما يتعلق بحقوق والتزامات الشركات.
وتحتوي العقود عادة على عدة بنود من أهمها إيضاح نوع العقد والغاية منه، وتاريخ تحرير العقد، وأسماء المتعاقدين وبياناتهم الخاصة، وحقوق والتزامات أطراف العقد، والشروط الجزائية وآلية الفسخ، وتحديد الجهة المختصة في حل النزاع، والقانون الذي يتعين تطبيقه، وغيرها من البنود.
فنظراً لتشعب علاقات الشركة مع غيرها من المؤسسات وكذا تبدل مصالحها مع عديد الجهات مما يجعلها بحاجة لإبرام عديد العقود لضمان حقوقها، ومن أمثلة العقود التي تباشر الإدارة القانونية صياغتها ومراجعتها : العقود الدولية التجارية وعقود الاستثمار وعقود الملكية الفكرية وعقود التعويض وكافة العقود العمالية وعقود البيع والشراء وعقود الفرنشايز وعقود التوزيع التجاري وعقود التسويق والعقود باللغات الأجنبية المختلفة وعقود التحكيم وكافة العقود المدنية وكافة العقود العقارية.
ثانياً: التحقيق الإداري ومتابعة أمور الشركة الداخلية
تتولى الإدارة القانونية للشركات حل النزاعات الداخلية بين الشركاء والعاملين والموظفين وإيجاد حلول قانونية لأي إشكالية قانونية تواجه الشركة، وترأس التحقيق مع الموظفين والعمال فيما يقع منهم من مخالفات ومتابعة التظلمات والشكاوى الصادرة منهم وعليهم، ووضع الجزاء العقابي المناسب على كل مخالفة، وذلك بحسب قيمة المخالفة لضبط منظومة العمل قدر المستطاع، وكذلك خلق بيئة عمل عادلة تحفظ للجميع حقوقهم.
فالإدارة القانونية تكون على علم ودراية كاملة وشاملة بأغلب الأنظمة مثل نظام الشركات ونظام العمل ونظام المحاكم التجارية، والهدف من ذلك هو حفظ حقوق الشركة والوفاء بالتزاماتها وتفادي الوقوع في أي خطأ نظامي يكلف الشركة تعويضات ضخمة نظير إهمالها حقوقها أو التزاماتها تجاه الغير.
ثالثاُ: تقديم الاستشارات القانونية
وتُقدم الإدارة القانونية كافة الاستشارات القانونية لمدراء الشركة حينما يُطلب منها ذلك فالاستشارة القانونية الدقيقة بمثابة كنز معلوماتي قد توفر على الشركة ملايين الريالات من الخسائر أو ترجح كفتها في كسب القضايا، فالإفادة القانونية هامة للغاية نظراً لتعقد المناخ الاستثماري وشراسة المنافسة في الأسواق السعودية والخليجية بشكل خاص، والعالمية بشكل عام.
فتقييم الوضع القانوني تقييماً صحيحاً حتى لا تقع الشركة في مخالفة النظام ويستتبع ذلك خسارتها مبالغ طائلة من المهام الرئيسية للإدارة القانونية.
رابعا: الترافع أمام المحاكم المختلفة
مهارة الخطابة أو الفصاحة أو لحن القول والتقاضي أمام مختلف الجهات القضائية كالمحاكم التجارية والمحاكم العمالية والجزائية وديوان المظالم وغيرها من مهام محامي الإدارة القانونية للشركات حينما تثور نزاعات قانونية بين الشركة وشركات أخرى منافسة أو جهات مختلفة أو حتى بين الشركة وبين الموظفين والعمال في مختلف القضايا، فتعمل الإدارة القانونية على جمع كافة المستندات والأدلة التي يُمكن أن تُساهم في دعم الموقف القانوني للشركة.
خامساً: القيام بعمليات التفاوض
التفاوض عملية مُعقدة لا تقل أهمية عن كتابة العقود أو الترافع والتقاضي، بل غالباً مهارة الترافع في التفاوض تؤدي لإنتاج عقد قانوني منضبط ويراعي حقوق كافة الأطراف ويوافق طموحاتهم ويراعي متطلباتهم.
فالمفاوضات وسيلة لتفسير العقد في مرحلة التنفيذ، كما أنها تفرض الالتزام باحترام الثقة باحتمال تنفيذ العقد، وتجعل الإيجاب من صنع الطرفين معاً، وتحدد مضمون الالتزام العقدي.
فالمفاوضات وسيلة لتحقيق الثقة المتبادلة وبها يُتفادى الوقوع في الجهالة، وهي مهارة حسن التوجيه والتخطيط القانوني، وبها توضح نقاط المسؤولية والالتزامات المتبادلة، كما أنها وسيلة ودية لإيجاد حلول بالتراضي بعيداً عن ساحات المحاكم.