حماية المنشآت التجارية لأسرارها التجارية

 عوض بن أحمد العلوي/

المحامي والمستشار القانوني
السر التجاري هو ما يتميز به العديد من المنشآت والشركات التجارية ، حيث أن الطريقة الأفضل لاستثمار قيمة أي معلومة جديدة ذات قيمة معينة يرغب صاحبها في الاستئثار بها هو السرية.
والأسرار التجارية تعتبر من العناصر الرئيسية للمشروعات التجارية سواء على المستوى المحلي أو المستوى الدولي حيث تعتبر المحور الأساسي في عمليات نقل التكنولوجيا.
وإزاء سعي المملكة العربية السعودية في حماية الأسرار التجارية للمنشآت التجارية فقد إصدارت لائحة تسمى لائحة حماية المعلومات التجارية السرية وتهدف لحماية المعلومات السرية التجارية، وتنظيم حق استغلالها وتيسير إجراءات استخدام المعلومات التجارية، فهي ترسي معايير وأحكام وقواعد تضمن حقوق صاحب حق الانتفاع.​

فما المقصود بالأسرار التجارية ؟
السر التجاري هو أي وصف أو تصميم أو أسلوب أو مجموعة من المعلومات لها قيمة اقتصادية تستعمل في العمل فتعطي لصاحبها فرصة للحصول على ميزة لمواجهة منافسيه في سوق العمل.
والسرية التجارية تعني عدم الإفصاح عن المعلومات التجارية للغير أو نشرها بشكل يؤدي لاطلاع الآخرين عليها بإحدى وسائل الإعلان.
السرية المطلوبة لاعتبار اي سر تجاري بأنه سر هي النسبية لا المطلقة ، فالمعلومات قد تكون معروفة لعدد معين من العاملين في المشروع كالمستشارين والعاملين المختصين ولا يفقدها سريتها .
شروط الأسرار التجارية :
الأسرار التجارية لا يشترط فيها أن تكون معروفة لمشروع واحد من مشروعات المنافسة فعلى العكس قد تكون معروفة لأكثر من مشروع من مشروعات المنافسة، فحينها تظل المعلومات سرية لأنها لم تصل لدرجة أن تكون شائعة على نطاق واسع في مجال التخصص ذو الصلة بالنشاط.
كما أنه لا يشترط أن تكون المعلومات وعناصرها سرية لأنه يُمكن أن تكون مكوناتها وعناصرها غير سرية، ورغم ذلك يُمكن اعتبارها سرية في مجموعها أو نتيجتها النهائية بسبب الجهود التي بُذلت فيها والأموال التي أُنفقت عليها.
فحتى يُمكن اعتبار المعلومة سراً تجارياً فيتعين أن تكون صعبة النسخ أو التحقق منها بسهولة بواسطة المنافسين، ويقع على عاتق المدعي عبئ إثبات أن المعلومة هي بمثابة سر تجاري
، وهي مسألة ليست سهلة بتاتاً.
ومن الضروري أن تكون للمعلومة السرية التجارية قيمة اقتصادية، وهذا لا يعني أنه يشترط أن تحقق قيمة كبيرة أو أرباحاً ضخمة، ولكن يكفي أن تحقق فائدة ما للمشروع، وتعطي لصاحبها ميزة تنافسية في مواجهة المشروعات الأخرى.
ويتعين أن يقوم أصحاب الشركات باتخاذ ما يكفي من إجراءات وتدابير للحفاظ على السر التجاري، وتلك التدابير يُمكن أن تكون عقدية أو مبنية على شروط أو مواد توضع في العقود التي بين العمال والموظفين وأصحاب الشركات، وتفرض تلك البنود في العقود على الموظفين أو العمال التزاماً بعدم إفشاء تلك الأسرار خلال فترة العمل بالمؤسسة أو حتى بعد انتهاء العمل، ويتعين أن تكون التدابير المتخذة للحفاظ على السرية معقولة لتتناسب مع قدر سريتها وإمكانيات صاحبها وذلك حتى يُمكن لأصحاب الشركات تبرير فكرة المسائلة عند الاعتداء على السر التجاري ومن أمثلة التدابير التي يُمكن اتخاذها أجهزة المراقبة والحراسة والإنذار وأكواد التشفير وأرقام الدخول السرية، وحفظ المستندات في مكان آمن.
الغرض من الحماية النظامية للأسرار التجارية للشركات :
الهدف من إضفاء الحماية النظامية للأسرار التجارية هو منع الاستخدام التجاري غير المنصف أو العادل، وعدم ترويج أو إعلان المعلومات السرية إلى الغير، وهو أمر يُفهم من خلال المادة 56 من إتفافية تربس، كما أن اللائحة السعودية المتعلقة بحماية المعلومات التجارية السرية في المادة 4 منها قد نصت على ما يلي : ” حماية الأسرار التجارية المقدمة إليها من الإفشاء وحمايتها من الاستعمال التجاري غير المنصف “. ومن ثم يُفهم مما سبق أن الغرض الأسمى هو حماية حق صاحب السر التجاري في استعماله واستغلاله والمحافظة عليه دون أن يعتدى عليها من الغير.
صور التعدي على الأسرار التجارية في المنشآت التجارية :
جاء في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من اللائحة السعودية المتعلقة بحماية المعلومات التجارية السرية فيما يتصل بالأفعال التي تعتبر مخالفة للممارسات التجارية النزيهة حيث نصت على أنه لتطبيق الفقرة 1 من أحكام هذه المادة (3) : يعد مخالفة للممارسات التجارية النزيهة بوجه خاص ما يلي :
1- الإخلال بالعقود ذات العلاقة بالأسرار التجارية.
2- الإخلال بسرية المعلومات المؤتمنة أو الحث على الإخلال بها.
3- حصول شخص على الأسرار التجارية من طرف آخر إذا كان يعلم، أو كان بمقدروه أن يعلم أن حصول ذلك الطرف عليها كان نتيجة مخالفة للممارسات التجارية النزيهة، وهو تعداد ورد على سبيل المثال لا الحصر.
وبناء على ما سبق بيانه فإن الاعتداء على الأسرار التجارية يأخذ صورتين لا ثالث لهما، الصورة الأولى تتمثل بقيام الأشخاص المخولين بالاطلاع عليها بإفشاء الأسرار التجارية لأشخاص أخرين غير مخولين بالاطلاع عليها.
أما الصورة الثانية فتتمثل في قيام شخص آخر بممارسة اختصاصات صاحب السر التجاري بالحصول على الأسرار التجارية في أماكن حفظها ومن ثم استغلالها دون الحصول على إذن من صاحبها أو دون علمه وبصورة غير مشروعة .
كيف يُمكن للمنشآت التجارية حماية أسرارها من الاعتداء ؟
يمكن تحقيق ذلك عبر ثلاثة طُرق سنتناولها فيما يلي:
1- حماية الأسرار التجارية عن طريق العقد :
لكون العقد أهم وسيلة لحماية المعرفة الفنية ولكونه يعطي حرية واسعة للمتعاقدين في تحديد مدى التزاماتهم الناشئة عن العقد، فعن طريق العقد يستطيع حائز المعرفة الفنية أو السر التجاري أن يفرض على المتعاقدين معه ما يكفيه من شروط للمحافظة على المعرفة الفنية والحد من وصولها للمشروعات الأخرى المنافسة.
2- حماية الأسرار التجارية عن طريق دعوى المنافسة غير المشروعة :
ودعوى المنافسة غير المشروعة هي دعوى يملك تحريكها كل من صدر في حقه أي عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة، وبالتالي يستطيع المتضرر أن يطالب الحماية النظامية التي تضفيها تلك الدعوى. والجدير بالإشارة أن الحماية التي تضفيها تلك الدعوى تتميز بأنها غير مؤقته بمدة معينة.
3- حماية الأسرار التجارية جنائياً باعتبارها جريمة إفشاء أسرار :
إفشاء الأسرار التجارية يُقصد بها : الكشف عن معلومة غير معلن عنها وصاحبها يحرص تمام الحرص على إبقائها طي السرية والكتمان. وكشف المعلومة يصدر من شخص علم بها نتيجة لعلاقته الوظيفية بحائز المعلومة ومالكها، ويتعين أن يكون الكشف مقترنا بقصد جنائي.
والجدير بالذكر أن جريمة إفشاء السر المهني تستلزم توافر عناصر معينة وهي :
• وجوب أن تكون المعلومة سرية ولها قيمة اقتصادية، ولابد أن يكون حائزها قد أحاطها بدرجة من عالية من الحماية والإجراءات المعقولة للحفاظ على سريتها.
• وجود ركن مادي للجريمة يتكون من فعل ونتيجة وعلاقة سببية، وذلك بالقيام بفعل إجرامي يترتب عليه إفشاء الأسرار أو محاولة إفشاءها، وان يترتب على ذلك الكشف عن المعلومة.
• وجود ركن معنوي للجريمة أي توافر القصد الجنائي بقصد الاعتداء على الأسرار .

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.