بقلم / د. وسيلة محمود الحلبي*
يحتفل العالم العربي بيوم “اليتيم العربي” في 8 إبريل من كل عام ويصادف يوم اليتيم العربي لعام 2023م شهر رمضان المبارك لعام 1444هـ. ويعتبر “يوم اليتيم” واحدا من أبرز الأيام الاجتماعية التي تحظى باهتمام كبير من قبل الدول العربية عامة والمملكة العربية السعودية خاصة، حيث تسعى المنظمات والمؤسسات الإنسانية إلى إيصال الفكرة إلى المجتمعات حول أهمية الاحتفال بهذا اليوم. وإن فكرة الاحتفال بيوم اليتيم العربي هو نشر الوعي بين المواطنين بخصوص الأيتام والعمل على دعم الأطفال عن طريق زيارة دور الأيتام وإبراز جو من المرح والترفيه للتغير من نفسياتهم.
وتشارك المملكة العربية السعودية في الاحتفال “بيوم اليتيم العربي “،الذي يهدف إلى إسعاد الأيتام ودمجهم بالمجتمع، وإحساسهم بالعناية والاهتمام ولتجديد العهد بهم وبمكانتهم، وتعريف المجتمع بحقوقهم، والعمل على تكاتف الجهود لتمكينهم وتجويد حياتهم ورعايتهم وتقديم العون لهم.
ديننا الإسلامي هو السابق دائما :
فقد جاء ذكر “اليتيم في القرآن الكريم في اثنين وعشرين آية، ذُكِرت فيها كلمة “يتيم” بالإفراد ثماني مرات ، وبالتثنية مرة واحدة ، وبالجمع “يتامى” أربع عشرة مرة “، وهذا يدل على اهتمام الشريعة السمحاء “باليتيم” وتعويضه حنانا ورحمة عن التي افتقدها. ويؤكد ديننا الإسلامي على حقوق “اليتيم “المتعددة والمتنوعة من الناحية النفسية والمالية ورعايته وتقديم المساعدة له، وقد ورد ذلك في العديد الآيات القرآنية كقوله تعالى :” وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً”، وكذلك قوله تعالى: “فأمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَر”، وقوله جل شأنه: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا”. كما حث رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام على ذلك أيضا وقال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى. فأي منزلة أفضل من ذلك؟
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه: “أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشتكي قسوة قلبه فقال له: «أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك» “أخرجه الطبراني، وصحَّحه الألباني”.
وقد نص الدين الإسلامي على العمل الإنساني بين الأفراد كونه نابع من صميم الأخلاق والدين فقد حثنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم على إكرام الكبير والعطف على الصغير وخاصة الأطفال الأيتام الذين لا يمتلكون أي سند ولا عون سوى الله عز وجل.
فالاحتفال في هذا اليوم له أهمية كبيرة في دعم ومساندة الأطفال “الأيتام “بكل ما يلزمهم من دعم مالي ونفسي ومعنوي والتركيز على تقديم أفضل تمكين ورعاية وتجويد حياة لهم وتعويضهم عن النقص الذي سلب منهم منذ طفولتهم. حيث تقام العديد من الفعاليات والأنشطة المختلفة التي تهدف للسماح للأطفال بقضاء أجمل الأوقات والتفاعل مع المجتمع.
ويهدف الاحتفال بهذا اليوم على تسليط الضوء على “اليتيم” وأبرز حقوقه عل الأفراد والمجتمع. وتقديم مختلف أنواع الدعم والمساعدات له من أجل أن يعيش كباقي الأطفال. وهو مناسبة إنسانية سامية، حيث قامت فكرة الاحتفال بهذا اليوم لخلق وعي لدى الناس بأهمية “اليتيم” ، وأهمية تقديم المساعدات له وتسليط الضوء على “اليتيم” في المجتمع، وبالتالي تولي المجتمعات أهمية كبيرة من خلال مساعدتهم، وإيجاد حلول للمشاكل التي يعانون منها. والعمل على جعل “اليتيم “يشعر بالأمن والأمان.
وللاحتفال “بيوم الْيتيم العَربي ” أهمية كبيرة، حيث من خلالها يتم توصيل رسالة سامية للجميع. “فكفالة اليتيم” تضمن للمجتمع السلامة والأمان، وتضمن للمستقبل آفاقا جديدة. وإن من عطف رسول الله صلى الله عليه وسلم على “اليتيم” أن جعل من “كفالة اليتيم” طريقًا للوصول إلى صحبته في جنات النعيم. فمن كانت صحبة رسول الله أغلى من الدنيا سارع إلى كفالة اليتيم وتأمين ما يحتاج.
السعودية وجهود حثيثة من أجل اليتيم :
وجميعنا يعرف تماما الجهود العظيمة والكبيرة التي توليها حكومتنا الرشيدة والحكيمة في المملكة العربية السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز “حفظه الله” لليتيم من عناية خاصة منذ نشأته وحتى بلوغه سن الرشد واعتماده على نفسه حيث وفرت له، كأي فرد من أفراد هذا المجتمع، سبل العيش الكريم، وأنشأت من أجله العديد من المؤسسات الاجتماعية المعنية بهم إضافة إلى مبادرة الإسناد ونمذجة البيوت الاجتماعية بما يتوافق مع أهداف برنامج التحول الوطني، ورؤية المملكة 2030 التي أقرها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان “رعاه الله” والتي تنص على تمكين جميع الأفراد عن طريق التخلص من المؤسسات الإيوائية لرعاية الأيتام ،واستبدالها بالبيوت الاجتماعية بهدف تأسيس حياة اجتماعية أفضل وأقرب للحياة الأسرية خارج إطار الإيواء المؤسسي، مما يمنح أبناءنا الثقة والاعتماد على النفس واستثمار الطاقات والإمكانات الذاتية فجميع ذلك يصب في مصلحة “اليتيم” ورعايته والعناية به ليكون مواطناً صالحاً ولبنة أساسية من لبنات هذا المجتمع العظيم .
حقا إن “يوم اليتيم العربي” من أعظم الأيام العالمية، وهو هبة من الله تعالى يتم فيه العناية باليتيم والاهتمام به.
* سفيرة الإعلام العربي
*عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
*مسؤولة الإعلام بجمعية كيان للأيتام