محمد الرياني
عندما استمعتُ إليه لأولِ مرةٍ بعد الفجرِ انتابني شعورٌ جميلٌ وكأنني في روضةٍ مخضرةٍ فيها شلالاتٌ وانسيابُ مياهٍ وأصواتُ عصافيرَ وتغريدُ بلابل، صباحٌ رائعٌ بكلِّ جماله، (جماح دغريري) كان رائعًا بصوته الدافئ الرخيمِ الجميلِ المثقفِ والأنيق، عرفتُه عن قربٍ لأجدَه قد تجاوزَ جمالَ الصباحِ ليكونَ مثل وهجِ الضحى وقيلولةِ الظهيرةِ وروعةِ الأصيلِ وهدوءِ المساء، ثم وجدتُه صوتَ الوطنِ وسموقَ الوطنية، جمعَ كلَّ صفاتِ المواطنِ المخلصِ الذي فتحَ ميكرفون الإذاعةِ للجميع؛ للجنديِّ في ميدانِ المواجهةِ ضدَّ الأعداءِ وللأديب الذي يشدو شعرًا ونثرًا وللأكاديمي في جامعتِه وللمعلمِ والمديرِ في المدرسة وللمرأةِ التي شاركتِ الرجلَ حبًّا في هذا الوطن، جمَّاحُ الذي استضافَ الدراويشَ والبسطاءَ والكادحين والحرفيين، لم يتركْ شاردةً ولا واردةً تتعلقُ بالإعلامِ إلا قطفَها وردةً لتفوحَ في الصباحِ والمساء، وعلى مدى ربعِ قرنٍ وهذا الجنوبيُّ الأصيلُ يتضوعُ شذىً وعبيرًا وكأنَّه سكنَ داخلَ ردائمَ فلٍّ يأخذُ من شذاها أزكى العبيرِ ليعطرَ الأماكنَ شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، سعدتُ كثيرًا وهو يتوجُ بجائرةِ جازان للتفوقِ والإبداعِ في تكريمٍ مستحقٍّ من مهندسِ التنميةِ في المنطقةِ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز يحفظه الله، وتكريمٍ من جائزةٍ تصطفي نخبةَ النخبِ من المبدعين.
جمَّاحُ من أروعِ الإعلاميين الذين غرَّدوا للوطنِ بصوتِه الشجاعِ وبأصواتِ الذين التقاهم في كلِّ المحافلِ الوطنيةِ أو الثقافيةِ أو المجالاتِ الأخرى وغيرها.
هنيئًا لك جماح دغريري هذا التكريم الذي نشارككَ فرحتَه وحُقَّ لنا؛ فأنتَ أحدُ رموزُ العملِ الإعلاميِّ الذي يستحقُّ الصعودَ لمنصاتِ التقديرِ والتتويج.