بقلم الكاتبة / د. وسيلة محمود الحلبي
شرف الله اللغة العربية بأن جعلها لغة القرآن الكريم، ولسان شرائعه وأحكامه، وتبيان حلاله وحرامه، وخزانة كنوزه وأسراه؛ قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
[يوسف: 2]
تعد اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة.
قال الشاعر الكبير أحمد شوقي :
إن الذي ملأ اللغاتِ محاسنًا …… جعل الجمال وسره في الضاد
فاللغة العربية إرث ثقافي وحضاري ومساهمتها عظيمة جدا في الحضارة الإنسانية. وقد أبدعت اللغة العربية بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة، والشعر، والفلسفة، والغناء.
وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات. وتنضبط الكلمة العربية بالميزان الصرفي الذي يمكّن الأدباء من تحويلها إلى أبنية مختلفة باختلاف المعاني التي يسوقونها، ويثري الأداء البلاغي بأساليب جمالية متنوعة.
قال الشاعر حليم دموس في اللغة العربية :
لـو لم تكُنْ أمُّ اللغـاتِ هيَ المُنى
لكسرتُ أقلامي وعِفتُ مِدادي
لغـةٌ إذا وقعـتْ عـلى أسماعِنا
كانتْ لنا برداً على الأكبادِ
سـتظلُّ رابطـةً تؤلّـفُ بيننا
فهيَ الرجـاءُ لناطـقٍ بالضّادِ
وتقاربُ الأرواحِ ليـسَ يضـيرهُ
بينَ الديارِ تباعـدُ الأجسـادِ
أفما رأيـتَ الشمسَ وهيَ بعيدةٌ
تُهـدي الشُّعاعَ لأنجُدٍ ووَهادِ
أنا كيفَ سرتُ أرى الأنامَ أحبّتي
والقـومَ قومي والبلادَ بلادي
ويعتبر الثامن عشر من ديسمبر من كل عام هو اليوم العالمي للغة العربية، وهو يوم للاحتفال بلغتنا العربية، تلك اللغة الشريفة الخالدة المقدسة لدى كل مسلم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: “ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﻓﺮﺽ ﻭﺍﺟﺐ؛ ﻷﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﺮﺽ، ﻭﻻ ﻳُﻔﻬﻢ ﺇﻻ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺇﻻ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﻭﺍﺟﺐ”.
اللغة العربية لغة ملايين العرب حول العالم وينتمي إليها نحو ربع سكان العالم من المسلمين، بل ويتحدثون بتلك اللغة الشريفة يوميًا ولابد! والمسلمين حول العالم يقيمون الصلاة كل بضع ساعات باللغة العربية ، ولا تصح الصلاة إلا باستخدام الألفاظ العربية ولا تستخدم الترجمات في قراءة القرآن أبدًا عند الصلاة
واللغة العربية من أقدم اللغات السامية، وأكثرها تحدثا، ويتجمع أهلها من العرب المتحدثين بها في منطقة جغرافية ذات موقع استراتيجي فريد من نوعه عالميا يعرف باسم الوطن العربي. وهي أيضا من بين اللغات الأربع الأكثر استخداما في العالم
سلطت اليونسكو الضوء على المساهمات الغزيرة للغة العربية في إثراء التنوع الثقافي واللغوي للإنسانية، فضلاً عن مساهمتها في إنتاج المعارف، وذلك من خلال موضوع هذا العام المعنون “مساهمة اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية”.
وتجدر الإشارة إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية ينسجم مع العقد الدولي للتقارب بين الثقافات (2013-2022) الذي تتولى اليونسكو ريادته.
• سفيرة الإعلام العربي
• سفيرة السلام العالمي
• مسؤولة الإعلام بجمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة