محمد الرياني
ها نحن يا سيدتي أوشكنا على الانتهاءِ من انتقاءِ الحروف، في الخفاءِ أخفيتُ عليها بعضَ الحروفِ ولم تنتبه، تسألني عن عددِ الحروفِ وكأنها تجهل إحصاءها أو حصرها، أما أنا فقد تعلمتُها قبلَ أن تعرفها ، شكَّت أن هناك نقصًا، قرأتْ في عينيَّ أنني أُخفي عنها شيئًا، سألتُها ما بك؟ قالت لا شيء، بعضُ الأوراقِ التي عليها الحروفُ لم تعجبني، رمتْ بعضَها في حضني، رميتُ في حضنها بعضَ أحرفي، أريد منها أن تطمئنَ وأني صادقٌ في قسمتي، لم تعلم أنني سأكتبُ لها عبارةَ حبِّ عن أجمل أيامنا، أخذتْ تُراقصُ الأحرفَ التي في كفِّها وكأنها تلاعبُ طفلَها المدلل، فعلتُ مثلها مثلما كنتُ أقذفُ بالصغيرِ إلى أعلى ثم أستقبله، فعلنا ذلك الهوَسَ في الوقتِ الذي تصعدُ فيه الأحرفُ وتهبطُ بيننا ، نظرتُ في عينيها السابحتين في بحرٍ من الحُب، نظرتْ في عينيَّ الغارقتين في محيطٍ من الولَه، قلتُ لها الحروفُ التي أخفيتُها عنكِ هي (حروف الحب) التي جمعتْنا كلَّ هذا العمر، نثرنا على الرملِ الباردِ كلَّ حروفنا، ألقيتُ الحروفَ المختفيةَ خلفي، أحسستُ أن الرملُ يكاد أن يشتعلَ من حرارةِ أشواقنا وكأننا قد افترقنا منذ زمنٍ ثم عدنا، قالت لي أحبك، قلت لها مثل ذلك ، زارتنا نسمةٌ رقيقة ، طارتْ الأوراقُ التي فيها الحروف، خفتُ على قلبي وقلبها من أن يسرقهما النسيمُ مع الأوراق، قالت لا تخف، هل نعيدُ تكرارَ اللُّعبةِ غدًا؟ سأجلبُ لك وقتَ اللعبِ عباراتٍ وسطَ النسيمِ لم تمرَّ على حياتك، قلتُ لها افعلي، نهضنا من المكان، ضحكتُ في وجهها قائلًا :كأننا صغارٌ هذا اليوم! قالت وهل نحن قد كبرنا؟ زاد عددُ الحروفِ في تاريخنا ونحن لانزال نكتب حبنا بعشرين وثمانية، هل رأيتَ رموزًا غريبةً حلَّتْ على معجمنا، نحن ننتقي ونبني والعمرُ يمرُّ ياسيدي، ابتسمتُ لها مستغربًا؛ لقد تفوقتْ عليَّ وأنا أعلمها الدرسَ ، درسَ الحبِّ.