الدمام – فتحيه عبدالله
سلطت دراسة بحثية جديدة لشركة “راك سبيس للتكنولوجيا” الضوء على التأثير الذي سببته السنوات الخمس الماضية من تهديدات عالمية متعلقة بالأمن السيبراني على العلاقة التي تربط بين فريق أمن البيانات في الشركات وكبار المسؤولين التنفيذيين فيها.
وقد كشفت الدراسة البحثية السنوية الثانية للأمن السيبراني بأن أكثر من نصف قادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط (59%) أصبحوا يضعون هجمات الأمن السيبراني في مقدمة مخاوفهم الرئيسية الثلاثة، أي أكثر من تضخم الأسعار (47%) ونقص المواهب في مجال تكنولوجيا المعلومات (49%).
تتجلّى هذه النتائج في العلاقة الجديدة التي نشأت بين فرق أمن البيانات في الشركات وبين القيادات العليا فيها، إذ يرى نحو ثلاثة أرباع المشاركين في التقرير (75%) بأن فرق أمن البيانات أصبح لديها حضور أكبر في مجالس إدارة الشركات مما كانت عليه قبل خمس سنوات، أما نسبة (55%) من المشاركين أصبحت الآن تعتبر كبار الرؤساء التنفيذيين للشركات من المؤيدين للأمن السيبراني.
هذا ويعدّ التواصل قوياً على وجه العموم بين الفريقين ، إذ يعتقد ثلثا المشاركين (65%) أن نسبة قنوات التواصل المعزولة ضئيلة، كما يعتقد قرابة 7 من كل 10 (68%) أن كبار الرؤساء التنفيذيين وفرق أمن البيانات يتعاونون بانتظام مع بعضهم البعض.
تعليقاً على النتائج، قال روب تريسي، رئيس الأمن في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى “راك سبيس للتكنولوجيا” -: “إن نتائج الدراسة التي كشفت عن أن الأمن السيبراني أصبح أولوية على مستوى مجلس الإدارة أو كبار الرؤساء التنفيذيين في الشركات هو أمر مشجع- ولو أن هذا يعكس أيضاً حجم وشدة التحديات التي تواجهها العديد من الشركات حالياً على صعيد التهديدات السيبرانية”. وأضاف قائلاً: “لطالما شهدنا في الماضي كيف كان يتم التقليل من شأن فرق أمن البيانات أو عزلها داخل المؤسسات والشركات في الوقت الذي كان يجب أن تلقى أصواتهم آذانً صاغية. لذلك ليس من المستغرب أن نرى بروز الأمن السيبراني كمسألة محورية للشركات مع إدراك كبار القادة أخيراً الحاجة إلى الحماية من مخترقي الشبكات وقراصنة الإنترنت، والعواقب المدمرة المحتملة لتغاضيهم عنها”.
زيادة الاستثمار
إن وجود هذا التأييد واسع النطاق على مستوى الإدارات العليا للشركات يساعد في تسهيل زيادة تمويل الاستثمار في الأمن السيبراني، ولهذا تعمل نحو 7 شركات من أصل 10 (70%) حالياً على رفع استثماراتها في مجال الأمن السيبراني.
وقد أصبحت قضية التوزيع الملائم لهذا التمويل المتزايد من أحدث التحديات، لاسيما في سوق تتضاءل فيه فرص التوظيف وتُمنح فيه المزايا لأصحاب المهارات في مجال الأمن السيبراني، ففي الشرق الأوسط، تُعد قلة الموارد (28%) السبب الأبرز للجوء الشركات للتعامل مع جهات خارجية لتوفير خدمات أمن البيانات، بينما يُشكل نقص الخبرة العامل الثاني (51%).
وفي ظل هيمنة الحوسبة السحابية على العمليات التجارية في هذه الآونة، فإن ما يقرب من ثُلثي الشركات (64%) تستثمر حالياً في أمن الحوسبة السحابية على نطاق محلي – وهو أحد المجالات الأكثر تخصصاً ضمن منظومة الأمن السيبراني ككل.
وفي هذا الصدد، أضاف روب تريسي: “لم يعد إيجاد مبرّرات لهذا الاستثمار الزائد في الأمن السيبراني يُشكل تحدٍ لفرق أمن البيانات، خاصةً بعد اقتناع كبار الرؤساء التنفيذيين للشركات بمدى ضرورته، بيد أن المشكلة الحقيقية تتمثّل في أن القيادات العليا تتوقع أن تختفي المشاكل بمجرد إنفاق الأموال على تلك الفرق، والحقيقة أنها لا تختفي فعلياً إلا باتخاذ قرارات ذكية ومدروسة”.
واختتم بقوله: ” لا تمتلك العديد من الشركات المهارات أو الموارد اللازمة كي ترقى إلى مواجهة التهديدات التي يُحتمل أن تواجهها، لذا تجدها تعاني بشدة من أجل أن تحظى بتلك الموارد في سوق عمل صعبة المراس. ورغم أنه من المشجع أن ترى القادة يأخذون المسائل الأمنية لشركاتهم على محمل الجد، تبقى أمامهم تحديات جدية تتعلق بكيفية إبقاء تلك الشركات في مأمن من التهديدات السيبرانية”.