جدة_ عبد الله الينبعاوي
{قل لن يصيبنا إلاّ ما كتب الله لنا هو مولانا، وعلى الله فليتوكل المؤمنون}. بهذه الآية استهل الدكتور هيثم محمود شاولي حديثه بعد شفائه من فيروس كورونا كوفيد-١٩ مجددًا للمرة الثانية..
وقال: “الحمد لله ظهرت النتيجة سلبية فى 31 ديسمبر الماضي بعد شهر من العلاج وظهور نتائج المسحات إيجابية أكثر من مرتين متتاليتين خلال شهر. وقد حرصت بأقصى ما يمكن أن لا ينتشر موضوع إصابتي للمرة الثانية حتى أكون بعيداً عن الاتصالات والقلق والتوتر، وعزلت نفسي فى غرفتى لمدة شهر إلى أن شفانى الله، وتحولت نتيجة المسحة إلى نتيجة سلبية ، وأنتهز هذه الفرصة لأسجل شكري وتقديري لكل من اطمأن على صحتي، وخصوصًا الوالد والوالدة وزوجتى وأبنائي وأشقائي والأصدقاء والأحباب، كما أخص بالشكر الدكتور محمد باجبير مدير مستشفى الملك فهد الذي كان يطمئن على حالتي باستمرار ، والدكتورة جواهر متولي المشرفة على المراكز الصحية بجدة .
الإصابة للمرة الثانية
وحول سؤالنا عن كيفية معرفة الإصابة للمرّة الثانية قال د. شاولي: “لا أعرف مصدر الإصابة، فعملي كطبيب يتطلب الاحتكاك بالبشر، ورغم اتخاذي كل الوسائل الوقائية إلاّ أنني لا أعرف كيف اكتسبت العدوى، إذ شعرت بارتفاع بدرجة الحرارة فجأة ورعشة بسيطة وكحة بسيطة، وكوني طبيبًا قررت أن أجري مسحه كورونا، وللأسف جاءت النتيجة إيجابية، فعزلت نفسي فورًا في البيت، والحمد لله تابعت في أخذ العلاجات الموضوعة فى بروتوكول وزارة الصحة، وهو الباندول لخفض الحرارة التي استمرت معي أكثر من ١٤ يومًا، مع ألم فى جميع عضلات الجسم، وانتفاخ وألم فى المعدة، وكحة مع إسهال وعدم الشهية للأكل، مع فقدان حاسة الشم والتذوق، فاضطررت للذهاب للمستشفى لإجراء أشعة مقطعية على الصدر حتى أطمئن على كفاءة وسلامة الرئة، فوجدت فى الأشعة بأن الفايروس قد أصاب أجزاء بسيطة من الرئة، وهذا السبب الذى كان وراء ارتفاع الحرارة، وقد تم تشخيصها بالتهاب رئوى من النوع الخفيف، إذ أصاب الفايروس ٢٠% من الرئة، واضطررت إلى إجراء بعض التحاليل التى تثبت أيضاً الإصابة فأجريت تحليل D dimar، وهذا التحليل مهم ليوضح نسبة التجلط فى الجسم، لأن الفايروس يزيد نسبة التجلط فى الدم، مما يعرض المصاب إلى إحتمالية حدوث جلطات فى القلب والرئة، بالإضافة إلى إحتمالية انتشار الفايروس بصورة سريعة فى الرئة خلال الأيام الأولى من الإصابة، مما يؤدي إلى إلتهاب رئوي، حسب قوة الفايروس الذي بداخل الجسم، وهو بدوره يؤدى إلى كتمة وضيق التنفس وهبوط معدل الأوكسجين فى الدم عن ٩٠ % ، وفى هذه الحالة لا بد من وضع أوكسجين والذهاب للطواريء، أما بالنسبة لي فلله الحمد فإن إصابة الرئة كانت لا تتجاوز ٢٠% مما أدى إلى التهاب رئوي بسيط، فعزلت نفسي فى غرفتي فترة لا تقل عن ٢٣ يومًا إلى أن أختفت جميع الأعراض، وبالتحديد الحرارة التي أستمرت معي أكثر من ١٤ يومًا، بجانب ألم فى جميع أجزاء الجسم والإسهال والكحة، وفي الفترة الأولى من الإصابة، وهي تعتبر أخطر فترة، إذ يكون المريض معديًا لكل من حوله، وممكن تتطور حالته إلى مضاعفات خطيرة تعتمد على قوه المناعة، وبالإضافة أنني كنت متخوفاً و مراقباً كل أفراد الأسرة المخالطين لي، والحمد لله لم تظهر عليهم أى أعراض خلال فترة ١٤ يوما، وهذه الفترة المحددة لانتشار الفايروس”.
٢٤ يوما من العزلة
يستمر الدكتور شاولي فيسرد قصته فيقول: “بعد معاناة وتعب أسبوعين – ولله الحمد – بدأت الأعراض فى الزوال، وبالذات الحرارة والإسهال، ولله الحمد، أن معدل الأوكسجين في الدم عندي لم ينخفض عن ٩٢%. وبعد اختفاء الأعراض عملت مسحتين فكانت النتيجة أيضا كلها إيجابية وتم إبلاغي من وزارة الصحة أنه إذا تعدى ١٤ يومًا من بداية المسحة الإيجابية الأولى واختفت جميع الأعراض، فأن المصاب لا يحتاج إلى إجراء مسحة أخرى حتى يتأكد أن تكون سالبة، لأن الفايروس يصبح خاملاً وغير معد بعد ١٤ يوماً من الإصابة، وبعد اختفاء جميع الأعراض، ولكن بالنسبة لي وخوفًا على الجميع استمريت في عزل نفسي تقريبا لمدة ٢٤ يوما إلى أن ظهرت النتيجة سالبة فى آخر يوم من نهايه العام. وكانت الفرحة ولله الحمد.
وأنصح كل من يشعر – لا سمح الله – بأي أعراض ذكرتها في كلامي بضرورة عزل نفسه لا يقل عن ١٤ يوماً وإجراء مسحة بأسرع وقت ممكن، لأن المرض فى بدايته يكون شديد العدوى والخطورة، أما العلاجات التي أنصح بها ازيثرومابسين ٥٠٠ مضاد حيوى حبة يومياً لمدة أسبوع، باندول كل ٨ ساعات حبتين، و حبوب التجلط يوميا، وشراب الكحة. ولا ينصح بأخذ حبوب الكورتيزون إلا تحت إشراف طبى فى المستشفى أو الطواريء، وذلك فى حالة لو كانت نسبة الأوكسجين تحت ٩٢ %، ويوجد معها ضيق فى التنفس، والزنك، وفيتامين سي وفيتامين b ، مع شراب زنجبيل ويانسون دافئ، وحبة البركة، بالإضافة إلى تناول السوائل بكثرة، والحرص على التغذية الصحية ، والحمد لله الآن أفضل ومعظم الأعراض أختفت، والأمر الذي استغربه هو أنني قبل (6) أشهر أصبت أيضًا بكورونا، ولكن كانت الأعراض في المرة الأولى خفيفه لا تذكر ، وعندما توجهت لإجراء المسحة كنت بدون أى أعراض وكان ذهابي لمجرد الاطمئنان، ولكنني فوجئت بأن نتيجتي جاءت إيجابية، أما هذه المرة، وهي الثانية، فقد كانت الأعراض شديدة قليلا، والحمد لله الذي شفاني وشملني بعنايته. ويبدو أنني من الحالات القليلة التي أصيب بكورونا مرتين متتالتين.
ولذا أنصح أفراد المجتمع بسرعة أخذ التطعيم لكونه الوسيلة الوحيدة المتاحة الآن للحماية من هذا الفيروس الشرس، لأن خطورة المرض تكمن في الوهلة الأولى في إصابة الرئة، وطبعًا الاصابة تكون بدرجات متفاوتة حسب مدى درجه شدة العدوى ، وتعتمد على حسب قوة مناعة المصاب ومدى معاناته بالأمراض المزمنة،وعامل العمر، فهذه الأمور هامة أيضاً فى مقاومة المرض، وبإذن الله في القريب العاجل سأنشر مقطع فيديو أشرح فيه تجربتي كمواطن وطبيب مع ” كورونا” حتى تشمل الاستفادة الجميع.
وأختتم شاولي بقوله: “بهذه المناسبة أرفع كل الشكر لمقام حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، على ما نجده من رعاية كاملة واهتمام كبير بسلامة الأطباء والأطقم الصحية والمواطنين والمقيمين ، وعلى تطبيق الاجراءات الاحترازية المشددة التى طبقتها حكومتنا الغالية من شهر مارس وإلى الآن، مما خفف كثيرًا من آثار انتشار العدوى بالمقارنة لكل من حولنا فى العالم الذين تهاونوا واستهتروا فى تطبيق إلاجراءات الاحترازية والسلامة الصحية.