محمد سعيد أبو ملحة*
لم أكن أعلم أن هناك 350 ألف متأتئ من ضمن 70 مليوناً على مستوى العالم يعيشون بيننا في المملكة، ويعانون من اضطرابات تمس الوظائف اللسانية في الجانب الأدائي اللفظي بسبب ضعف التدفق التعبيري اللغوي الذي يبرز من خلال تكرار الحروف أو التأخر في إخراجها بكل ما يصاحب ذلك من حركات لا إرادية على مستوى الجهاز التنفسي.
لم أكن أعلم بكل تلك التفاصيل إلّا بعد توقيع اتفاقية الشراكة بين جمعية البر بجدة ووقف الوالدين مع شركة التمكين الذكي ممثلة بمشروع (مجتمع التأتأة) والتي أتاحت لي فرصة التعامل عن كثب مع المتأتئين من خلال (مجتمع التأتأة) الذي يوفر بيئة تعليمية وعملية لكل شاب وشابة متأتئين ويطمحون في الخروج من مأزق التعطل اللساني والتفاعل مع البيئة والمجتمع.
إن هذا المشروع الريادي الذي يعالج التأتأة في 5 أيام يحمل الكثير من القيم المضافة، من خلال برامج نوعية ومهنية عالية تسهم في تحقيق الأهداف المنشودة، بعد أن تم من خلاله حل مشكلة 400 شخص من أعمار مختلفة لم يتمكن معظمهم قبل التحاقهم بالمشروع من تجاوز هذه الإشكالية في بعض مراكز التخاطب وعيادات الطب النفسي.
تلكم جهود تُذكر فتشكر للدكتور عبد الله كريشان المشرف العام على “مجتمع التأتأة” وفريق عمله الذي جسَّد طموح هذا المشروع في حصد الجوائز المحلية والإقليمية والعالمية بعد حصوله على جائزة جدة للإبداع المجتمعي.
لقد ترجمت هذه المبادرة الأخلاقية معاني المسؤولية الاجتماعية في تقديم كل ما من شأنه أن يترك أثراً إيجابياً مستداماً في المجتمع ليعود بالخير على الفئات المستفيدة. ولعلي أجدها فرصة لدعوة رجال الأعمال والمقتدرين لدعم هذه المبادرة التي وجدت إقبالاً كبيراً من المجتمع خاصة وهي تتعامل مع مشكلة يمكن أن تتعمق معها المعاناة النفسية والأسرية إذا لم يتم تداركها.
ولعل تخصيص يوم عالمي للتأتأة في 22 أكتوبر من كل عام يبين حجم الاهتمام العالمي بهذه المشكلة والحرص على رفع الوعي بها وتوحيد الجهود لتثقيف المجتمعات بالطرق العلمية التي ينبغي اتباعها للتعامل مع هذه الفئات وكسر حاجز الوحدة والانطوائية التي يعيشها الكثير منهم بسبب هذه المشكلة.
*عضو مجلس إدارة جمعية البر بجدة، رئيس نادي البر التطوعي