محمد الرياني
على عجلةٍ من أمري؛ لكن صوتَ الملاعق والأطباق في المطبخ جعلني أتريث وأستلقي على السرير في الصالة القريبة من حجرة الطبخ ، ضربتْ بآلةٍ معدنية لا أعرف إن كانت السكين أو طرف الملعقة التي تغرفُ بها لتذوق الطعام؛ المهم أن الصوت وصل إلى مسامعي وهي تقول : ألستَ على عجلةٍ من أمرك؟ ابتسمتُ وحيدًا بين الجدران الأربعة، لم أقل لها إن صوتَ تحريكِ يديكِ تارةً في مغسلةِ الصحون وتارةً لتقطيع الخضار والفاكهة أثار نوازع الحب داخلي، ذهبتُ إليها مسرعًا كي أرى المنظر أكثر، وجدتُ الأطباق مرتبة نظيفة، الطاولة المعدة للطعام وقد فرشت عليها سفرة باللون الأحمر القاني، جلستْ على أحد الكراسي لتكمل عملها، جلستُ إلى جوارها لأرتب معها السفرة، نظرتْ في ساعتها وهي تشير إليَّ بالمغادرة قبل فوات الموعد الذي ينتظرني، نظرتُ في ساعةِ يدي وأنا أتألم من ذهابي الذي سيحرمني من الاستماع لآخر مقطعٍ في النوتة الموسيقية، أعني صوتَ آخر طبقٍ تغسله وتضع فيه شوربة اللحم المفضلة لدي، نهضتُ مسرعًا ولكن سرعان ما شمرتُ عن ساعدي وقد بقيتْ دقائقُ قليلة على الإفطار، ضحكتْ بأروع صورة وكأنها لم تبتسمْ في وجهي من قبل، قالت عسى ما بك؟ على طريقتها، قلتُ لها لقد تأجل الموعد، لم أخبرها بأنني اعتذرتُ برسالة عن الحضورِ لأمنحَ بسمتها مزيدًا من الوقت لرؤيتها، وضعتُ الملعقة في يدي لأرتشف الشوربة الساخنة وهي تقسمُ عليَّ بأن تضعها هي بنفسها في فمي وأنا غيرُ مصدق بأنني جالسٌ معها والكل ينتظرني بشوقٍ في الخارج.