عبدالعزيز العنزي/روافد
كثيرة هي المرات التي نسمع فيها عن احتجاز سفن في عرض البحر، وبصرف النظر عن الأسباب التي أدت إلى ذلك، نلاحظ أن هناك رابطاً مشتركاً بين هذه السفن، وهو أنها ترفع أعلاماً أجنبية، وليس أعلام دولها. وتعد بنما الدولة الأولى التي يفضل ملاك السفن رفع علمها، إضافة إلى ليبيريا وجزر مارشال، في ما يعرف بأعلام الملاءمة، ولكن لماذا يلجأ مالكو السفن إلى ذلك؟
الإعفاء من الضرائب وعمالة أجنبية أرخص
تقدم بنما ميزات كثيرة لأصحاب السفن من أبرزها الإعفاء من الضرائب، خلافاً لما يمكن لمالكي السفن دفعه لو اختاروا رفع علم بلدهم الأم، بخاصة الدول التي تفرض ضرائب عالية النسبة على مواطنيها، بالإضافة إلى التمتع بالحماية التنظيمية والقانونية، يتيح نظام التسجيل في بنما توظيف أطقم السفن من أي مكان في العالم، وكذلك توفير القوى العاملة والخدمات بشروط مناسبة بهدف تقليل تكاليف الشغل، وهو ما من شأنه تخفيف النفقات.
وتربط بنما، بفضل موقعها المحيطين الهادئ والأطلسي، وتعد بمثابة حارس لواحد من أهم طرق التجارة البحرية في العالم، وقدمت قناة بنما لمئات السنين طريقاً مختصراً للسفن الراغبة في تجنب الطريق الأكثر خطورة عبر “كيب هورن”. وتعد القناة، التي يبلغ طولها نحو 77 كيلو متراً، واحدة من العجائب، وهي ميزة هندسية تتعامل مع 14 ألف سفينة كل عام. وللمفارقة، فإن بنما لها تاريخ محدود في التجارة، إذ يوجد خط شحن صغير واحد، إضافة إلى عدد من الشركات التي تقدم خدمات بحرية حول الموانئ والقناة.
سهولة التسجيل
من المغريات الأخرى التي توفرها بنما سهولة التسجيل، إذ توفر ما يعرف بنظام التسجيل المفتوح، هو الأسهل، مقارنة مع غيره من الأنظمة في دول أخرى، ويمكن تقديم الطلبات عبر الإنترنت أيضاً. كما يمكن لأصحاب السفن القيام بعملية التسجيل خارج دولة العلم.
وبدأت عملية تسجيل السفن في دول أجنبية في عشرينيات القرن الماضي بسبب القوانين الصارمة التي تفرضها معظم الدول، ما دفع أصحاب السفن للجوء لتسجيل سفنهم في بنما ودول أخرى، وكان ملاك السفن الأميركيون من أوائل من أقدم على تسجيل سفنهم في بنما، بهدف التهرب من القيود التنظيمية وارتفاع تكاليف العمالة في بلادهم، ففي عام 1922 تم تسجيل أول سفينتين أميركيتين في بنما. ثم سُجلت بعد ذلك سفن أخرى، مع سعي ملاك السفن إلى تجنب ارتفاع الأجور وتحسين ظروف العمل المضمونة من خلال التشريعات الأميركية.