الغموض والاعتراف مع النفس

المدينة المنورة ✍️ سمير الفرشوطي
في خضم التطورات السريعة والتغيرات المتلاحقة التي يشهدها عالمنا اليوم، أصبحنا نعيش في مجتمع يتسم بالغرابة والغموض. لقد تحولت حياتنا الاجتماعية إلى لغز محير، يصعب فهمه أو تفسيره في كثير من الأحيان.

ولكن، هل فكرنا يومًا في الجلوس مع أنفسنا والتأمل في هذا الواقع الجديد؟ إن الغموض الذي يلف مجتمعنا اليوم له أسباب عديدة.

فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات، أصبحنا نعيش في عالم افتراضي يختلف كثيرًا عن الواقع الملموس. نتواصل مع الآخرين عبر شاشات هواتفنا وحواسيبنا، ونبني علاقات وهمية قد لا تعكس حقيقة مشاعرنا وأفكارنا.

هذا الانفصال بين العالم الافتراضي والواقعي خلق فجوة في التواصل الإنساني الحقيقي  ، أصبحنا نخفي مشاعرنا الحقيقية خلف قناع رقمي، ونتظاهر بحياة مثالية على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما نعاني في الواقع من مشاكل وتحديات يومية.

ولكن، هل هناك حل لهذا الغموض؟ الإجابة تكمن في الاعتراف مع النفس والجلوس معها، عندما نأخذ وقتًا للتأمل والتفكير في حياتنا وعلاقاتنا، نبدأ في فهم أنفسنا بشكل أفضل. هذه اللحظات من التأمل الذاتي تمنحنا فرصة للتعرف على مشاعرنا الحقيقية، وأهدافنا، وقيمنا. الجلوس مع النفس ليس مجرد عزلة عن العالم الخارجي، بل هو رحلة اكتشاف داخلية. في هذه اللحظات، نستطيع أن نتساءل: ما الذي نريده حقًا من الحياة؟ هل علاقاتنا الاجتماعية حقيقية وذات معنى؟ كيف يمكننا أن نكون أكثر صدقًا مع أنفسنا ومع الآخرين؟ من خلال هذا الاعتراف الذاتي، نبدأ في فهم الغموض الذي يحيط بنا ، ندرك أن الكثير من التعقيدات في حياتنا الاجتماعية ناتجة عن عدم فهمنا لأنفسنا أولاً. عندما نفهم أنفسنا بشكل أفضل، نصبح أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين بصدق وشفافية.

في النهاية، يجب أن ندرك أن الغموض في مجتمعنا ليس سوى انعكاس لغموض داخلي. وعندما نبدأ في حل هذا الغموض الداخلي من خلال الاعتراف مع النفس والتأمل، نصبح أكثر قدرة على فهم العالم من حولنا والتعامل معه بطريقة أكثر إيجابية وفعالية. لذا، دعونا نأخذ وقتًا للجلوس مع أنفسنا، للتأمل والتفكير. فمن خلال هذه اللحظات من الصدق مع الذات، يمكننا أن نبدأ في فهم وتفسير الغموض الذي يحيط بنا، ونخطو خطوة نحو مجتمع أكثر وضوحًا وصدقًا وإنسانية.

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

خريف جازان وحسرة المزارعين

بقلم ـ أحمد جرادي فرح المزارعون بمنطقة جازان بموسم الأمطار واستبشروا خيرا بالموسم وأنه سيكون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.