(رحلة يسر و طمأنينة) : آداب و سلوكيات ضيوف الرحمن

بقلم ندى بنت فاروق قطان
فريق رؤيا ميديا
في رحاب الأرض المقدسة، حيث تتجلى الروحانية وتتعانق القلوب وتُزكّى النفوس، يتوافد الحجاج من كل فج عميق، محملين بالأمل و الأمن والإيمان، لأداء أعظم ركن من أركان الإسلام . هنا، في موسم الحج، تتجسد أروع الآداب وأسمى السلوكيات التي يتحلى بها الحاج، معبرًا عن تقوى القلوب وصفاء النفوس.

الإخلاص والنية الصادقة، تلك هي البداية، حيث ينوي الحاج الحج لله تعالى، متجردًا من كل شائبة، متطلعًا إلى مغفرة ربه ورضوانه سبحانه.

ومع كل خطوة نحو الكعبة المشرفة، يتجدد العهد ويزداد الشوق للقاء الله في أطهر بقاع الأرض.

التواضع والسماحة، يسير الحاج بين الجموع، لا فرق بين غني وفقير، سواسية تحت ظلال الإحرام، يتشاركون اللحظات والدعوات، ويتسابقون إلى الخيرات. وفي الطواف والسعي، تتلاشى الفوارق، وتتحد الأرواح في عبادة خالصة لوجه الله العظيم سبحانه،

الصبر والمسامحة، في زحمة الحجيج و جهد أداء المناسك، يظهر الحاج بأخلاقه الرفيعة، صابرًا على الأذى، مسامحًا للخطأ، مترافعًا عن الزلل، متحملًا للمشقة في سبيل الله. ومع كل دعاء وتلبية، يتعالى صدى الوحدة والإخاء، معلنًا أن الحج مدرسة للحياة، يتعلم فيها الإنسان كيف يحيا لربه بين إخوانه، عن أبي هريرة قالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقولُ: منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.

و في ظلال الكعبة المشرفة، حيث تتجلى عظمة الخالق وتتوحد القلوب في عبادة الواحد الأحد، تبرز جهود المملكة العربية السعودية كنبراس يهدي الحجاج في رحلتهم الإيمانية. إذ أن التقدير الذي يُظهره الحجاج ليس إلا انعكاسًا لإدراكهم للمساعي الهائلة والتضحيات الجليلة التي تبذلها المملكة لتيسير مناسك الحج.

كما أن الثناء والامتنان يُعدّان بمثابة رياح تُبحر بسفينة العطاء، سامية بأرواح العاملين نحو شواطئ الاستمرارية والتفاني في الخدمة.
و في هذا المشهد المُهيب ، يتعانق التعاون والتكاتف بين الحجاج والمسؤولين، مُشكلين سدًا منيعًا ضد أمواج الفوضى والتحديات. لتتجلّى معاني العطاء في أسمى صوره.

في هذه اللحظات المقدسة، حيث يتعالى صدى “لبيك اللهم لبيك”، يُصبح النظام والسكينة من الضروريات ليس فقط لسلامة الحجاج، بل لنجاح هذه الشعيرة العظيمة. إذ أن الابتعاد عن الفوضى والتدافع يُجنب الحجاج مخاطر الإصابات والحوادث، بينما يُعزز الاجتماع من روح الأخوة والتآخي بين الحجاج من كل أصقاع الأرض. كما يُساعد الانضباط و الالتزام بالآداب و السلوكيات والتحلي بالصبر لتحقيق غاية الحج و جني ثماره،
قال تعالى {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}[سورة الحج: 27، 28] وهكذا، يتجلى الحج كرحلة إيمانية عظيمة، يعود منها الحاج متجددًا، نقيّا، حاملًا بين طياته أسمى ذكرى، لرحلة اليسر و الطمأنينة.

 

عن شعبان توكل

شاهد أيضاً

نجم الصرافة

كتبها راشد بن محمد الفعيم.  بإذن الله تعالى يطل علينا فجر اليوم الخميس  النجم الأخير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.