بقلم ✍️ حسين القفيلي
الكاميرا التي تحمل صور مكة ومسدس الماء وبعض الميداليات التي بها صورة الكعبة المشرفة والمسجد النبوي والمسابيح، وسجادة الصلاة هي تلك الهدايا التي تسعد أطفال السبعينات والثمانينات عند عودة ذويهم من الرحاب الطاهرة ، ينتظرون بفارغ الصبر رؤية آبائهم أو أحد أفراد الأسرة الآخرين الذين غابوا عنهم صوتاً وصورة ولم يكن هناك أجهزة جوال كما هو اليوم يمكن للحجاج الأطمئنان من خلالها على أُسرهم بشكل يومي أثناء موسم الحج .
يعود الجميع وهو يعيشوا فرحة قضاء مناسكهم والشوق لـأهلهم بعد غياب قد يمتد نحو الشهر أما أطفالهم فهم أكثر الأطفال سعادة في قريتهم أو تلك الحارة التي يعيشون فيها فالهدايا نصيبهم ومشاهدة الأماكن المقدسة من خلال الكاميرا المصنوعة من البلاستيك، والتي تعرِض صورًا ثابتةً للحرمين الشريفين والمشاعر المقدّسة، شيء يبعث السعادة للنفوس ، فهناك جبل عرفات وهناك حاج يرمي الجمرات وهناك صورة أخرى للكعبة المشرفة ومقام سيدنا إبراهيم عليه السلام والمزيد من تلك البقاع الطاهرة عبر هذه الكاميرا.
إن عودة الحجاج في تلك الحقبة عودة ينتظرها الجميع بشغف الأمر الذي يساهم في خروج أهاليهم لاستقبالهم على مداخل القرى والأودية والمرتفعات وتعرف سياراتهم من مسافات حيث تشاهد ملابس الإحرام على سطوح تلك السيارات التي تتنوع بين السوبربان واللوري دوج وسيارات تويوتا لاندكروزر صالون و يستقبلون بالأهازيج الترحيبية ثم تقام لهم الولائم فرحة بعودتهم فمخاطر الطريق مثل الحوادث والأوبئة وضربات الشمس ولدغات الثعابين السامة كانت تنتشر سابقاً بين الحجاج أكثر من اليوم وذلك لعدم وجود التحصينات اللازمة والطرق المزدوجة والمكيفات والمظلات الواقية من ضربات الشمس .
و كاتب هذه المقال واحد من الذين فقدوا ذويهم في ذلك الوقت ، حيث فقدت والدي بعد عودته من رحلة الحج في اليوم الثالث تحديداً من وصوله للمنزل بالعام 1393هـ نتيجة إصابته بالحمى رحمه الله رحمة واسعه وكل موتى المسلمين .
إن الحج بالماضي يجمع بين المشقة والفرحة وبين الغياب التام والشوق الكبير وبين استقبال كبير للحاج وفرحة للأطفال أكبر بكثير من أطفال حجاج اليوم فوسائل التواصل أذابت ذلك الحنين وقربت المسافات عبر وسائل النقل الجوية والبرية والبحرية الحديثة وهذا بفضل الله ثم الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية للحجاج عبر التاريخ فقد ساهمت بشكل جبار وبارز في تسهيل أدائهم مناسكهم، وتسهيل عودتهم إلى ديارهم سالمين.