المجالات العلمية والأدبية ما بين مُمارس لها ومُتخصص بها 

أ. عمرو عادل بسيوني

حقيقةً لا أعلم متى تنتهي هذه الحرب العوجاء والشرسة بين المُمارسين في العمل الإعلامي والذين ساعدتهم التجربة على أن يُكّونوا خبرة عملية مناسبة وجيده  ، وما بين المُتخصصين الذين لم  يكتفوا بالتجربة فقط بل تعلموا واجتهدوا وثابروا حتى تمكنوا من الحصول على أفضل الشهادات في تخصصاتهم ، هي حرب قد لا تكون مُعلنة أو واضحة ولكن يشعر بها من هو موجود في المجال الإعلامي ، فكل فئة تجد أنها الأجدر والأحق بأن تمثل هذه التخصصات العلمية والعملية ، متناسين تمامًا السبب الرئيسي في اندلاعها والذي يتمحور حول عدم فهم الدور الرئيسي والأساسي لهم في هذا العمل الإعلامي ، ولا أبالغ عندما أتحدث عنها بكونها حرب عالمية وليست في مجتمعاتنا العربية أو مجتمعنا السعودي فقط ، وحتى أكون منصفًا فهي ليست في المجال الإعلامي فقط بل تجدها في المجالات الأدبية والعلمية أيضًأ .

ومن وجهة نظري أجده أمرًا طبيعيًا تنمويًا لتقارب وتشابه الأدوار في ما بينهم ؛ لكن أن تصل المسألة بهم إلى التقليل من عمل الأخر ، فهذا لا يتقبله عقل ولا يرضاه منطق.

فعلى سبيل التوضيح ظهر أخد الإعلاميين البارزين ومن المشهود لهم بالكفاءة الإعلامية في لقاء إعلامي متحدثًا عن تجربته الثرية في المجال الصحفي ، وخلال إجابته تطرق إلى من يحملون الشهادات العليا في المجال الإعلامي بأنهم يحملون  ” ورقة دنيئة ” ، لذلك لم يُكمل مسيرته التعليمية والأكاديمية حتى لا يكون من حامليها ، بل الأدهى والأمر من هذا كله هو عدم توقف المُقدم عند هذه الوصف المُشين والذي لا يليق بمن هم نخبة المجتمع ، فقبوله لمثل هذه المُفردات الغير لائقة يبعث برسائل اتصالية توضح موافقته ورضاه على هذا الوصف الغير مقبول ، فكان من المفترض من المهنية العالية أن يمثل الطرف الأخر ويدافع عنهم في ظل غيابهم ، بل ويطلب منه الاعتذار عن هذا الوصف لأشخاص قد ضحوا بعمرهم وحياتهم واجتهدوا وصبروا وتعبوا وسهروا حتى يحصلوا على أعلى الشهادات في تخصصهم الذي أحبوه واتخذوا من تدريسه مهنة لهم .

ما تستغربه بل وتصل لمرحلة السخرية والضحك منه هو الاستنقاص من المتخصصين الأكاديميين لأنهم متعلمين ومثقفين وباحثين ، تتلمذ على يديهم الكثير ممن هم الآن مشهود لهم بالكفاءة في المجالات الأدبية والإعلامية خصوصًا ، وحتى تتأكد عزيزي القارئ المُتخصص بأنها أمور ليست اعتباطية وأنها ناتجة عن عُقد نفسية داخلية يريدون أن يقنعوا غيرهم بها .

سارعت بالقيام بعمل تحليل لمضمونهم ومحتواهم وأولهم هذا المُقدم بمشاهدة أغلب حواراته وتحليلها ، وللأسف وجدته عندما يستضيف أكاديميين متخصصين تظهر هذه التجاوزات للعلن ، فمن خلال لقاءه بأحد المستشارين الإعلاميين والأكاديميين ، حاول التقليل من منجزاته ومناصبه التي توالى عليها بوصف وجوده في هذه المناصب بالفشل الذريع طيلة الجزء الأخير من الحلقة ، بالرغم من أنه من المهنية بمكان أن يتخذ موقف الحياد بأن لا يُبدى رأيه ولا يحكم على تجربة الضيف بالفشل ، وخصوصًا بأن المدارس التنظيرية والأساسية والتطبيقية – والتي أعتقد أنه لم يكن يحضرها إن كان قد درس بأقسام الإعلام ، تفرض عليه بأن لا يُبدي رأيه في الشخص أو في الأمر مهما دعت الظروف بل يتوجب عليه أن ينقل الصورة بجياديه تامة للجمهور، ويقوم الجمهور بتكوين رأيه حيالها ، لا أن يفرضها على الجمهور فرضًا ، وخصوصًأ وأن الجمهور المُتابع جمهور واعي ومثقف ومُدرك للأمور من حوله وليس منقادًا مُتبعًا لفكره ورأيه .

ومن المواقف المضحكة أيضا لأحد الإعلاميين عندما ظهر في برنامج من البرامج الحديثة الرقمية وعندما تم سؤاله عن أمر في المجالات الإعلامية لم يستطع أن يُفرق بين الاتصال والإعلام وما بين الإعلامي والصحفي ، فما نراه الآن هو ما كان يقوله العرب سابقًا عندما ينسب شخصًا عيوبه لأخر بـ ” رمتني بدائها وانسلت ” وهذا للأسف ما يحصل اليوم من الهجوم الكبير و والغير مُبرر على الأكاديميين من المتخصصين في المجالات الإعلامية والاتصالية والتسويقية وغيرها من المجالات الأدبية وحتى العلمية  ،وذلك بالتقليل من مُنجزاتهم وأعمالهم ومعلوماتهم ، وعند أول اختبار لهؤلاء الناقدين كضيوف في التلفزيون أو عبر البرامج الرقمية ظهر عدم فهمهم واتضح للجميع رسوبهم فيه  من خلال ما قدموه من معلومات خاطئة وغير صحيحة ، لا تمت للتخصص بصلة ، فاتضح للجميع بأن الهدف لم يكن الشخص المتخصص ، إنما كان الذنب الذي اقترفه الأكاديمي المُتخصص ووجب عليه التوبة منه وأن يكّفر عنه هو “ورقته الدنيئة – شهادته العليا “.

 

 

 

@AA

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

العمل التطوعي سعادة للقلب وسمو للنفس

بلغ عدد الساعات التطوعية بجمعية كيان للأيتام “321،665″ساعة .. وعدد الفرص التطوعية ” 1،231″ فرصة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.