✍️د. عزة بنت عابس الشهري
مستشارة أسرية وتربوية
جلست مع صديقتي في حفل رسمي، صديقتي، محترفة في لغة الجسد وفنون الدعاية، قدمت لي عرضًا مدهشًا حول حلوى بسيطة قُدمت من الجهة المستضيفة للحفل؛ مدّت يدها نحو السلة واختارت لي قطعة حلوى بطريقة تجعلك تشعر وكأنك تحمل كنزًا فريدًا. لم تقتصر على تقديم الحلوى، بل بدأت بعرضها كما لو كانت تحفة فنية. كأن الحلوى واحدة من نجوم الحفل. لغة جسدها تحدثت بشكل أكبر من الكلمات، حيث أظهرت بانسجام كيف يمكن أن تكون هذه الحلوى تجربة فريدة.
تفاصيل الحلوى أصبحت رواية مليئة بالحيوية واللذة. من لونها وتغليفها، وصولاً إلى نكهة المستكا والشركة المصنعة، ولم تكتفِ بذلك، بل قررت أن تكون رحلتها المستقبلية للبلد المنتج لشراء المزيد من هذه الحلوى وكانت تتحدث عن حماسها ورغبتها في مشاركتها مع الآخرين.
عادت لتمضغ الحلوى بأناقة أمامي، كأنها تؤكد على أهمية التجربة الفريدة التي يمكن أن تقدمها هذه الحلوى؛ بينما كانت صديقتي تمضغ الحلوى بطريقة فاتنة، قررت أن أخبئ قطعتي في شنطتي لأتأملها وأتذوقها لاحقاً في وقتي الخاص.
عندما وصلت للمنزل، كنت متحمسة للتمتع بلحظة مرحة مع الحلوى في جناحي الخاص بعد أن انتفض من كل مهامي المنزلية….فتحت شنطتي، وأخذت اتأمل قطعة الحلوى وفجأة أنتبهت لعلبة حلوى على رف كان أمامي. كانت ذات الحلوى التي قدمتها صديقتي وكأني أول مرة أراها ، اشتريتها قبل شهور من محل حلويات بسعر مخفض ووضعتها في علبة.
وقفت أمام نفسي، أتساءل: لماذا ظهرت الحلوى بهذا الشكل الجذاب عندما قدمتها لي صديقتي ولم انتبه لتفاصيلها وهي أمام ناظري منذ أشهر في منزلي ؟!
في النهاية، أدركت أن هناك أمورآ صغيرة أو تافهة تحت الأضواء وبالتلميع يمكن أن تأخذ قيمة أكثر مما نتوقع، حتى لو لم تكن تستحق الاهتمام؛ الدعاية يمكن أن تكبّر من حجم الأشياء التافهة وتجعلها تبدو أكثر أهمية مما هي عليه فعلًا.
وفي المقابل هناك أفكارٌ وأفعالٌ ملهمة قد تُفقد إذا لم يقم أصحابها بالترويج لها والتعبير عنها بشكل جذاب. فالدعاية والعرض الفعّال يمكنهما أن يلقيا الضوء على الجواهر المخفية ويظهراها بشكل استثنائي.