( خَمسُونَ عَامَاًمَضَت )

بقلم
علاء الحكمي أبو حليم-جازان

خَمسُونَ عَامَاً مَضَت والحَالُ لم يَزَلِ
مَازالت العَينُ بَينَ العَشيِ و الحَوَلِ

والدَّارُ تلكَ التِي بالأمسِ نَسكنُهَا
ويَفضَحُ الغَيثُ مَافِيهَا مِنَ الخَلَلِ

والأرضُ صَفراءُ يَخفِي الوَهْمُ مَنبتَهَا
والشَّمسُ تَشوِي بهَا وَجهَاً مِنَ المُهَلِ

قد أضحَلَت في أبِي والحَظُّ يهجُرُهَا
فَيهَا الهَشيمُ ولَونُ الفَقرِ و العِلَلِ

والدَّينُ يَزدادُ فَوقَ الدَّينِ نجمَعهُ
والقَلبُ والعَقلُ بَينَ الهَمِّ والوَجَلِ

لمَّا مشَينا مَشَى الحَافَي لنَا أثَراً
بينَ الرَّمادِ وفوقَ المَاءِ وَ الجَبَلِ

تَمشِي السَّلاحِفُ في أقدامِنا أمَلاً
والعُمرُ يَجري بسَاقِ الفَهدِ في عَجَلِ

يَعودُ في داخِلي طِفلٌ وَ مَاجِنَةٌ
ويَرجعٌ الشَّيبُ يبكِي الطَّفلُ في الرَّجُلِ

كَم كُنتُ حُبَّاً و حَربَاً أخطُو بينهُمَا
في سَاحِلي الذِّئبُ يرقُبُ غَفلةَ الحَمَلِ

مَلامِحُ الأمسِ في البِروازِ أنظرُهَا
وَسطَ الطَّبيعةِ بينَ الزرعِ و الإبِلِ

فَالذِّكريَاتُ بغُصنِ اللوزِ قد سَقَطَت
وَهاجَرَ المَجدُ في صَمتٍ و لم يَقُلِ

بَكَى الزَّمانُ عَلى حَالٍ لنَا أسَفَاً
وَأفسَدُ الشَّيبُ رَسمَ العَينِ بالبَلَلِ

هَذا مَرِيضٌ و هَذا عَاشَ مُكتئبَاً
وذاكَ يَمشِي عَلَى العُكَّازِ و الأَمَلِ

وذَاكَ يَرجو إلهَ الكونِ مُرتقبَاً
وتلكَ ترقدُ بينَ الضَّغطِ والشَّلَلِ

سَألتُ عن هَاتفِ النَّقَّالِ لم أرَهُ
أصَابَهُ المَسُّ أم شيئٌ مِنَ العَطَلِ

فقَالوا يَاسيِّدي الخمسينَ ليسَ بهِ
شيئٌ .. وَ لكنَّ إبنَي غيرُ مُتَّصِلِ ؟

أبناؤنَا حَظَروا أعيَادَ مَحفَلِنَا
وإبنَتي غَرَّهَا زَوجٌ .مِنَ الغَزَلِ

ألعَابُهًم وَ عِراكُ الأمسِ مَاهَدَأت
والخَيزَرانُ وَسُوطُ الجِدِّ والهَزَلِ

تلكَ الشَّخَابيطُ بالجُدرَانِ تَطلبُهُم
بِكلِّ ألوانِهَا في هَامِشِ الجُمَلِ

حتَّى الصَّغيرُ الذي كُنَّا نُدِللهُ
قد غَابَ عنَّا ولم يَسألْ ولَم يَصِلِ

وصَاحبُ الأمسِ دُهنُ الفِلسِ غَيَّرَهُ
كم عَاشَ وغدَاً بخُفِّ البُخلِ والجَمَلِ

أبِيتُ في وَحدَتي والنُّورُ يحرُسُني
خِفتٌ الظَّلامَ و كَابوسَاً مِنَ الجَدَلِ

عُنقُ القَواريرِ مَكسُورٌ بخاطِرِهَا
والعِطرُ مُهمَلُ خلفَ القلبِ والمُقَلِ

نَغدُو الصَّيادِلَ نٌخفِي مِن مَلامحِنَا
ونَطلبُ الحُبَّ نُخفِيهِ مِنَ الخَجَلِ

كَم نَشتَهي الوَردَ أن يبقَى بدَاخلنَا
لكنَّنَا لَم نَعُد نَقوَى عَلى القُبَلِ

مَن يَبلغِ العُمرَ خمسِيناً يُكابدُهَا
تَهدُّهُ النَّفسُ بينَ الخَوفِ وَ الفَشَلِ

أصحُو غَريبَاً ويَصحُو الفَجرَ مُغتربَاً
وتَشرقُ الشَّمسُ تَابُوتاً مِنَ الزّعَلِ

أغدُو إلَى عمَلي والضَّجرُ يسبِقُني
والضَّغطُ يعقبُني باليَأسِ و المَلَلِ

كَأنَّنَا في سَجونٍ ضَاقَ حَارسُهَا
كُلَّ المَداخِلِ قًضبَانٌ مِنَ الكَلَلِ

حُرِّيتِي لم تَزلْ بالأسرِ وَاقِفةٌ
قد ضاقَ في معصَمي قيدٌ مِنَ العَمَلِ

إنَّا لَنمشِي وَ لا نَدرِي مَقابرَنَا
في جَمرةِ الصخرِ أم في حَوصَلِ الحَجَلِ

فالموتُ في عُمرِنَا قد حَانَ موعدُهُ
ولَن يُؤخَّرَ في مَوتِي و لا أجَلِي

مَاأجملَ المَوتُ لو كَانت مَقابرُنا
فيهَا الورُودُ و أنهارٌ مِنَ العَسَلِ

سَيحقِنُ الثَّائرونَ الموتَ في رئتي
ويقطَعونَ وَريدَاً أسفلَ العَضَلِ

مَاذا سَيفعلُ سفَّاحٌ براقصَةٍ
في قَلبهِ شَابَ عكَّازٌ مِنَ الكَسَلِ

عن إدارة النشر

شاهد أيضاً

العروض المسرحية تتواصل بمهرجان مسرح الطفل فى دورته الثانية

ريم العبدلي -ليبيا تتواصل العروض المسرحية على خشبة المسرح الشعبي بمهرجان مسرح الطفل فى دورته …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرؤية: انطلقت جريدة روافد الإلكترونية من المدينة المنورة تساهم في تقديم الأخبار وتغطيتها، واستقصاء المعلومة بأسلوب يراعي أحدث المعايير المهنية ويحرص على ملامسة رغبات القراء المعرفية وتلبية احتياجاتهم المعلوماتية. وتعنى روافد بالشؤون المحلية، في دائرتها الأقرب، ثم تتسع دوائر اهتماماتها لتشمل شؤون الخليج فالعرب فالعالم.
الرسالة: توفير المحتوى الملائم للجمهور على مستوى التغطيات السياسية والرياضية والأخبار المنوعة، وتقديم التقارير والتحليلات السياسية والتحقيقات الصحفية في مختلف الأحداث بأسلوب يتماشى مع تطلعات الجمهور، وتقديم محتوى غير تقليدي من حيث الشكل والمعالجة. ولن تتوقف روافد عند حدود المهنية ومعاييرها، بل ستحرص على إضافة نكهتها الخاصة التي تمرّن فريق العمل عليها.