بقلم الكاتبة وداد بخيت الجهني
من أفزعك؟
من خاض عالمك الجميل
وعاث فيه وروعك! من أحزنك؟
من هزّ تحليق الطيور وأدمعك! من أطفأك؟
وأعاد للدنيا الظلام ومزقك!
سأكون دوماً جانبك، كي أسمعك ” لقائلها
المرض من الابتلاءت التي يُصاب بها الإنسان في هذه الدنيا، ومن الاختبارات الصعبة، والمؤلمة، والمبكية في آن وأحد. يُصاب الإنسان خلالها بلحظات ضعف شديدة ، ويُشعرفيها أن قلبه سوف يتوقف من شدة الحزن، وقوته، يعيش مشاعر قاسية حد التحطم ، يشعر بغّصةٍ لاتقوى على التفّوه، رجفات خوف، وفزع لايُدركها سواه، ودموع مالحة حائرة مجروحة تُحيل بياض العين إلى حُمرة تأبى أن تنساب على خديه، تتساوى الحياه وانعدامها عنده فيصبح كالحجر الصغير الذي لاقيمة له، يصبح ضائعاً، أيامه رتيبة، بطيئة، مليئة بالضعف، والوهن، يزهد بطقوس الحياة، وينطفي توهجها في عينيه كالطائر الذي خار عزمه ففقد رغبته في الطيران فأثر أن يكون حبيس قفصه، تغدو كل الأماكن موحشة، ومملة له، ويُصبح جسده جاهزاً للهزيمة تنهيدة تليها تنهيدة، وآلم يعزف آهاتًا، وتوجع يزّخ دموعاً
فما أقسى آلم الروح!
وما أثقل الهم!
وأمام كل ذلك لامفرّ من التسليم ومصادقة الحزن، فرمرمت هذا الكسر لا تكون إلا باللجوء إلى الله، فهوالعالم بمرارة الألم، وشتات الروح، هو القادر وحده على إزاحة هذه العتمة، فمعه يُشعشع العسر يسراً، فمن أقبل عليه لن يخيب أبداً، فهو الذي يقويه، ويلهمه الصبر، ويزوده صموداً، و جلادةً، فالمشاعر التي كتمها، والدموع التي ذرفها، والأوجاع التي قاومها ، هذا من الصبر الذي لن يضيع في الدنيا، ولا في الأخرة “فالصبر خير دواء للأحزان”
“وإذا تعلقت القلوب بربها
طابت لها الدنيا برغم أساها”
ولكن هذا الابتلاء عندما يُصفع به من نُحب، ويستوطن جسده؛ تنقلب حياتنا رأساً على عقب، فالصبر الذي نتسلح وننادي به نُصبح لا نملك منه شيئًا ،تتبعثر كلماتنا فلا نستطيع لملمتها، وتتلجلج حروفنا فتعجز عن البوح، تُحلق طيور الحزن في سمائنا، يُصبح عالمنا بائساً مقفراً من الفرح، هشاً،
شائخاً؛ كالأوراق التي انفصلت عن أغصانها فسقطت أرضًا؛ فتكسرت، تتحجم عقولنا فلا تقوى على التفكير، تضيق بنا الأرض، وتصبح الحياة فصلاً واحداً مليئاً بالكآبة نهرول في كل أتجاه، ونهيم في كل وادٍ بدون جدوى
تهطل دموعنا كالغيم عند سماع أنينهم، وآهاتهم، فنصبح كالشمس التي توارت للغروب، تصرخ دقات قلوبنا فلا يسمعها غيرنا تهُيمن بحور اليأس على مشاعرنا، ويتربع الحزن. ، على عرش قلوبنا ويُصبح هو الأمر الناهي، يُفرغ فيها كؤوسه، ويُمارس فيها طقوسه فنعلن انهزمنا اتجاه آلمهم، وحزنهم، وانكسارهم، فلا نستطيع خوض هذه المعركة سوى أن نجلس بجانبهم ونبكي بحرقة على آلمهم عله يرحل عن جسدهم ويسكن جسدنا فحالنا معهم كقول الشاعر
“هون عليّ فلست أقوى أدمعك
إني عجزت عن الضّني أن أرفعك
ياعاجزاً يرجو معونة عاجزٍ
أقسى عطاء القلب أن أبقى معك
درر.. وفقك الله وزادك علما