وردة الكيال ـ المدينة المنورة
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم المسلمين بتقوى الله عز وجل حق التقوى ومراقبته بالسر والنجوى.
وقال القاسم: أسبغ الله على عبادة نعمًا ظاهرة في يقظتهم ومنامهم، وهو سبحانه يدبر الأمر في الليل والنهار، وبحكمته حجب علم الغيب عن الخلق، ولا سبيل إلى معرفة الغيب إلا ما يُطلِع الله عليه رسله، قال سبحانه: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}، ومن نعم الله الباطنة وعجائب صنعه الباهرة أن أبقى جزءاً من النبوة؛ لمعرفة شيء من الغيب يُطلِع عليه من يشاء من عباده في منامهم، قال عليه الصلاة والسلام: “لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلَّا المُبَشِّراتُ. قالوا: وما المُبَشِّراتُ؟ قالَ: الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ”، ففيها من بديع علم الله ولطفه ما يزيد المؤمن في إيمانه، فتنبئه عن الماضي والحاضر والمستقبل ما يغنيه عن كذب الكهان ونحوهم، وفيها حث على الخير وتحذير من الشر وبشارة ونذارة.
وأضاف: للرؤيا مع الأنبياء شأن في أشد المحن والأحداث، وهي وحي لهم دون غيرهم، قال إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}، فرفع الله مقام إبراهيم بتصديقه للرؤيا وامتثاله لأمر ربه، فأبقى له ثناءً صادقاً جيلاً بعد جيل قال سبحانه: {وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين}.
وأوضح الشيخ “القاسم” أن رؤيا المؤمن تسره ولا تغره، وهي جزء من النبوة، وهي من المبشرات الباقية بعد النبوة والرؤى أنواع واحدة منهم حق لا بد من وقوعها واثنتان باطلة، والرؤيا الصادقة جزء من النبوة والنبوة وحي، والكاذب في نومه كاذب على الله أنه أراه ما لم يُرِه، قال صلى الله عليه وسلم: “إن من أفْرَى الفِرَى أن يُرِيَ الرجل عينيه ما لم تَرَيَا”.
وأشار إلى أن تأويل الرؤيا من علوم الأنبياء وأهل الإيمان، وهو علم عزيز يجمع بين الموهبة والاكتساب، ونعمة يمن الله بها على من يشاء، والتعبير فتوى لا يجوز لأحد الخوض فيه بغير علم، وهي مبنية على القياس والتمثيل واعتبار المعقول بالمحسوس.
واختتم إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم قائلاً: حين بعد العهد بالنبوة وآثارها عوض الله المؤمنين بالرؤيا، قال عليه الصلاة والسلام: “إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيا المُؤْمِنِ”، وأما في زمن قوة نور النبوة ففي ظهور نورها وقوته ما يغني عن الرؤيا، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثاً في اليقظة، فالزم الصدق في الحديث، ولازم التقوى تظفر بخيري الدنيا والآخرة.