تأليف السيد هاشم بن علي الكاف
أحداث من الحلقة الاولى
“لم يكن أبو الطفلة يسكن في تلك القرية التي يسأل فيها أبو احمد إنما كان يسكن في قرية بعيدة عن تلك القرية ونظرا لتدمير الطرق من جريان السيول الجارفة لم يستطع الأب الذهاب للقرى المجاورة لنقل الخبر او البحث وها قد انقضت ثلاثة اشهر ولم يستطع ابوها الخروج من القرية للبحث عنها
قرر ابو احمد ان يحتضن البنت حتى يسأل عنها احد فقرر تسميتها علياء في الوقت الراهن ليمكنه التواصل ومناداتها باسم ما إلى أن ينقضي موسم الأمطار. حيث من المقرر لأبي أحمد أن يسافر وعائلته غلى الهند للتجارة.”
الحلقة الثانية
انقضى موسم الأمطار وبدأت تسطع شمس النهار واستعد أبو أحمد للترحال فقام بجمع الرجال تشد متاعه بالحبال على ظهور الجمال وبدأ رحلته إلى بلاد الهند.
كان السفر للهند من قريته يتطلب الوقوف كثيرا في أماكن عدة للراحة وللتزود بالمؤن هذا ماداموا يسيرون برا إلى أن يبلغ البحار وإلى الميناء لإكمال السفر بحراً إلى بلاد الهند.
وبالفعل بدأت القافلة في التحرك واتخذ أبو أحمد جملا له ولزوجته وعلياء هودجاً فوق ناقة، لم تكن الرحلة بالممتعة ولكن كانت الوسيلة الوحيدة للسفر ذهابا نظرا للتكاليف الباهظة لاستعمال السيارات.
فهكذا هو الحال ولكل مقام مقال.
كانت علياء فَرِحَة وخائفة من الهودج ولكنها سرعان ما تعودت وأصبحت تداعب أمها بالتبني تارة وتلهو تارة وتنام تارة أخرى وقد كانوا يتوقفون كثيرا لأجل الراحة ولتناول الطعام حيث كانت فرصة مناسبة لعلياء لتَدلل ولتلهو.
وتستمر رحلة أبو أحمد وقافلته وهناك لا يزال أبو علياء يبحث في القرى المجاورة عن ابنته، فمنهم من قال ربما أكلتها السباع ومنهم من قال لابد من أن القرود هجموا ليلا على الدار وخلسةً خطفوها وبعيدا أخذوها قد لا تحتمل الطقس البارد خارجا ، وقد تكون ماتت منذ ذاك الوقت، ومن قال ومن قال وكثر الكلام ولكن أبو علياء دائما يقول “اللهم اني استودعتك بنتي يا من لا تضيع ودائعه”.
وصل أبو علياء كل القرى المجاورة وذهب إلى بيت أبو أحمد وسأل في القرية عن بنته وأخبرهم بالقصة فأخبروه أن أبو أحمد كان يبحث عن أهل فتاة ضائعة ولكنهم لم يعلموا ولم يسألوا عن عمرها أو شكلها أو حتى رأوها وأن أبو حمد رحل للهند للتجارة ولا يعلمون إن كانت البنت معه أو هو وجد أهلها، اخبار لا تسر ولا تريح الخاطر.
قبيل سفر أبو أحمد قرر أن يخبر أهل القرية عن سفره ومكان سفره لكي يخبروا بها أي شخص يأتي يسأل عن بنت له.
وصل أبو أحمد إلى البحر واستقل السفينة التي تنقلهم للهند وهم في عباب البحر فإذا بالعواصف تضرب السفينة يميناً ويساراَ وراحت تتأرجح وترتفع عالياً وهبوطاً من شدة الرياح حتى سقط ما على ظهرها من أمتعه وكذلك بعض الملاحين إلى البحر واستمرت العاصفة هكذا حتى جاوزت السفينة الخطر ونجت بحمد الله وقوته ، وذهب كل شخص على متن السفينة يبحث عن رفاقه المسافرين وكذلك ذهب أبو أحمد يبحث عن زوجته وعلياء فلم يجد لهما أثر، وكذلك بعض الركاب لم يجدوا مرافقيهم وذويهم فقد قذفت بهم الرياح بعيدا.
سقطت في البحر أم علياء وعلياء معها وراحت تلطمهم الأمواج حتى قذفتهم إلى شاطئ قريب ليس معهم أحد وليس هناك أي صوت على ذلك الشاطئ، لقد كانت جزيرة تبدو مهجورة. استفاقت أم علياء على صوت بكاء علياء فوجدت نفسها بعيدة، يكسوها التعب والإعياء فلقد كانت تجلس بصعوبة وراحت بتثاقل تبحث عن طعام وماء علها تجد أحدا يساعدها ويعينها ولكنها لم تجد ولم تسمع حتى همس بشر. تدبرت أمرها وأمر علياء ذلك اليوم بما وجدت من نباتات وفواكه على تلك الجزيرة.
أبو أحمد فقد عقله وصوابه لم يجد أحباؤه ، و لم يجد بعض رفاقه أيضا ، ومضت عدة أيام ، ووصل القارب إلى الهند فاستراح أبو أحمد عدة أيام ثم قرر أن يكوّن فريق بحث عن زوجته وعن علياء ورفاقه.
ذهب إلى حاكم تلك المدينة وطلب منه أن يساعده في تكوين فريق ليبحث عن زوجته وبنته ورفاقه، فقص عليه الخبر وما كتب لهم في القدر، فقال له الحاكم: قد يكونوا أمواتاً وطعام لقروش البحر ، فقال له أبو أحمد: قد يكونوا كذلك ، ولكن لا ازال أعيش على أمل أنهم أحياء ، وقد يكون قذفهم الموج إلي شاطئ أو جزيرة ساحلية على مدى الطريق.
فقال الحاكم: إنها مدن كثيرة والبحث قد يستغرق أشهرا وقد يكون مكلفا أيضا
فقال أبو أحمد: لدي تجارتي هنا وحتى لو كلفني البحث عنهم كل ما أملك.
علياء وامها اتخذوا من غار صغير بيتاً ومن الغصون اليابسة حطباً ومما تيسر لهم زادا.
ونبقى على هذا الحال، فسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال