( اقتباس): هيا الدوسري
مرت عليها القرون الطوال وهى قاحلة مجدبة ، رهيبة ، يحوم حولها الخيال ثم يرتد عنها فزعاً مذعوراً ، لا يكاد يميز بين صفير الريح فيها وعواء الوحش وعزيف الجان .
يقول الشاعر ( ذو الرمة ) ؛
و رمل لعزف الجن في عقداته
هرير ، كتضراب المغنين بالطبل
وتتراءى الأشباح للسائرين ليلاً ، فيجسمها الوهم لا يكاد يفرق في العتمة بين قطع الظلام وقطعان الغيلان التى تسرح في الفلاة
وإذ غابت عنهم أسباب ما يلقون في ليل الصحراء من الظواهر ومباغتات الأخطار ، ردوها إلى هذه الكائنات التي تترصد لهم وتباغتهم في شخوص شتى .
وعكف السمار في بوادي الجزيرة ينسجون من تهاويل الخيال أساطير مروعة، عن أفاعيل الجن والاعب الغيلان، كما راح الشعراء يهيمون وراء الرؤى العجيبة ، مع توابع زعموا أنها تلم بهم من وادي الجن في مجاهل القفر ، فأنهم بروائع النغم وعبقرى القصيد .
وكذلك مضوا يرهبون القفر ، ويتجنبون السير في تلك الصحراء الموحشة ، إلا أن تدفعهم إليها ضرورات العيش حيث يتلمسون مواقع أقدامهم على حذر .
فما آذن ليل الجاهلية بمغيب ، حتى تجلت آيتها الكبرى فكانت