محمد الرياني
طائرٌ يطوفُ بجناحيْن مُنهكيْن ولا يستقر ، هبطَ مع عصفورةٍ جميلة، ألقتْ بيضتين صغيرتين على شبَّاكٍ قديمٍ ، غادرَ العصفورُ وتركتِ العصفورةُ حمولتَها، سبقتْه وهي تحلِّقُ في الفضاء؛ بينما البيضتان تمتهدان رُفاةَ أوراقَ هزيلةٍ قد يبستْ منذ زمن، فتحتْ سيدةٌ في الخمسين الشباكَ كعادتها ليدخلَ الضوءُ إلى الغرفة، أطلقتْ فرحةً غامرةً بعد أن رأتْ مولودين جديدين في نافذةِ بيتها، احتفتْ بالبيضتين الصغيرتين، ظلّتْ تراقبُ الشُباكَ خوفًا من تسلُّلِ المعتدين على مولودين يسكنان بيتًا بيضاويًّا بلا نوافذَ أو أبواب ، أخذتْ تنظفُ المكانَ حتى صارَ مختلفًا عن البقية، رعتِ الضيفين الجديدين قبل أن تراهما، تسألُ نفسَها عن لونيهما وعن شكليهما! أغلقتِ الشباكَ وذهبتْ إلى بعضِ أعمالِها وهي قلقةٌ على مصيرِ أحياءَ في سجنٍ جميل ، عادَ العصفورُ المنهكُ ومعه العصفورةُ يودَّان الاطمئنانَ على البيضتين، فتحتِ السيدةُ الشباكَ مع هبوطهما، خرجَ من القشرِ الأبيضِ المصمتِ كائنان جميلان بلا ريشٍ أو أجنحة، وضعتْ طعامًا للعصفورِ والعصفورةِ الكبيرين بعد أن اطمئنا على القادمين إلى الحياة، غادرتِ العصفورةُ وتركتِ العصفورَ يلتقطُ المزيدَ من الحبوب ، دخلتْ إلى غرفتِها وجلبتِ المزيدَ ونثرتْه على الشباك ، طارَ العصفورُ ولحقَ بعصفورته، نبتتْ بعد أيامٍ أجنحةٌ رائعةٌ لضيفيها الصغيرين، شعرتْ أنهما قد يغادرانها ، ظلتْ تراقبهما بعينِ الشفقة، أطلق الوليدان تغريدتي وداع من منقارين نديين ، جلستْ على المقعدِ القريبِ من النافذة، عاد رفيقُ العصفورةِ من جديدٍ ليجاورَ سيدةَ الدار ، نهضتْ نحوَ العصفورِ ووضعتْ له ماءً في صحنٍ صغيرٍ ونثرتْ بجانبِ الماءِ حبوبًا أصفر ، امتلأ بطنُه وغادرَ المكانَ بحثًا عن بقيةِ أفراده ، اكتفتِ السيدةُ بالنظرِ إلى جناحيْه وهي تغلقُ النافذة.