بقلم الشيخ: نورالدين محمد طويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا
رسالة التعليم في المجتمع أكبر رسالة، وظيفتها تعزيز قوة المجتمع في الحاضر ، وبناء المستقبل ، والمؤسسة التعليمية ميزان التفكير ومستودع الإنتاج العلمي ، فلا بد من صيانتها صيانة ذات أسس متينة .
كلنا ندرك أن البيت هو المؤسسة التربوية الأولى المسؤول عن تربية الأبناء ، وغرس المنهج السليم والسلوك القويم والفكر المستمر .
فعندما يكون هناك حسن التعامل بالرفق واللين مع الأبناء لأن التعامل بالقسوة والعنف معهم في التربية أسلوب خاطئ ومنفر.
فكم من أب طرد ابنه من البيت لخطأ ارتكبه ذلك الابن فكانت العقوبة الطرد ، فتلقفته الأيدي الآثمة واحتضنته رفقة السوء وحاد عن الصراط المستقيم .
ومؤسستنا التعليمية أفرطت في الآونة الأخيرة في تحمل المسؤولية في أداء رسالتها لخدمة الناشئ خدمة تحمد عقباها .
رأينا الفكر الجهادي طغى على المؤسسة التعليمية في مناهجها ، واستعمال ألفاظ ومصطلحات تصنيف الناس ، وذلك بإخراج المسلمين عن دائرة الإسلام بمن لا يؤمن بمنظومة التكفير والتضليل والتفسيق .
فماذا كانت النتيجة ؟ شباب تأثروا بأيديولوجيا الخروج من أراضي الكفر إلى ديار الإسلام ، رأينا شبابنا نقلتهم الأيدي الآثمة بعد المحاضرات والدروس المغرية إلى مواقع الصراع والنزاع ، فخرجوا من بلادهم مولين ، شطر أفغانستان والشيشان ، ثم إلى سوريا والعراق.
فمتى نبقي اللوم على الشاب الصغير الذي غرست في قلبه شجرة الكراهية لغيره من خلال تحملهم عواصف الطائفية إلى مؤسساتنا لاضرار المستقبل ؟
كانت هناك فسحة في حركة التأليف ، فاستطاع أصحاب المفاهيم المضلة المضللة أن يلعبوا دورهم ، فحققوا ما أرادوا في إفساد أبنائنا وبناتنا ، فانتزعت المحبة الإنسانية من نفوسهم ، والمحبة الوطنية من قلوبهم ، فهددوا الإنسانية بقتلها وترويعها ، واستباحوا ممتلكات الوطن بهدمها واحراقها .
وبعد شيوع التطرف وبروز ظاهرة الإرهاب في العالم بأسره ، نتيجة المناهج الخالية من التدقيق والتمحيص من الخبراء والمختصين ، تم وضع العالم الإسلامي على اللائحة السوداء ، وفرضت القيود والمراقبة على الموانئ والمطارات خشية عبور المتفجرين لأنفسهم، كانت المملكة العربية السعودية هي من نادت أولا بإعادة النظر في سياسة المناهج التربوية في مؤسساتها بصياغة علمية موضوعية بعيدة عن الغلو والتطرف ، وذلك بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-رحمه الله- لمكانة المملكة العربية السعودية أمام المجتمع الدولي ، لكونها رائدة التضامن الإسلامي ، ومحطة أنظار العالم باحتضانها للحرمين الشريفين.
فمن خلال حرص المملكة على تغذية الناشئ تغذية الثقة بالنفس دون الاعتماد على الفكر الخارجي المعادي الانسانية أولا ، ثم المعتقدة ثانيا ، وهو الفكر التطرف الإرهابي ، أنشأت وأسست ( إدارة الامن الفكري ) داخل وزارة التعليم تعتني بقضايا الأمن الفكري بالوزارة .
ومع تأخر التأسيس إلا أنها خطوة في الاتجاه لمجابهة الأفكار المنحرفة وترسيخ الوسطية والاعتدال في المجتمع العليمي لاسيما بين الناشئة والشاب.
فحاجة الفرد والمجتمع للأمن الفكري كحاجة الانسان الى الماء الذي هو عصب الحياة .
فبناء منظومة فكرية آمنة متكاملة وهادفة وقادرة على سد الفجوات بين الواقع والمستقبل مما يعزز خبرة المملكة العربية السعودية في سياستها التعليمية في مواجهة الفكر المضاد للقيم والأخلاق .
ثم الفكر يكون تحصينًا للطلبة على اختلاف مراحلهم التعليمية ، وذلك أن الوقاية خير من العلاج ، فتحصين الفكر وحمايته وتوجيهه للطريق الصحيح خير من محاولة إصلاحه بعد انحرافه وتلوثه بالأفكار الهدامة ، والمعتقدات الخاطئة.
اذاكانت جامعة الملك عبدالعزيز بجدة اليوم تلبس لباس الفخر والاعتزاز بأن تتصدر في المركز الأول من بين جامعات العالم العربي ومن العالم في المركز ١٠٦ هي نتيجة حسن قيادتها الرشيدة تحت ظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الامير محمد بن سلمان حفظهما الله.
وفي عهدنا الميمون تعيش المملكة العربية السعودية نموا سريعا في جميع المجالات ولاسيما مع الرؤية الحقيقة ٢٠٣٠ لسمو ولي العهد محمد بن سلمان – حفظه الله- التي بدأت تتحقق كل يوم أمام المواطن والمقيم والزائر .
إن سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية ضربت رقما قياسيا جديدا مع جائحة كورونا حيث كان التعليم مستمرًا بالتباعد وفق معايير الأجهزة التواصلية العالمية ، كل ذلك مما جعلت جامعات المملكة تتصدر للمرتبة الأولى من بين جامعات العالم العربي .