د. نوره المالكي
في أحد الأيام من الزمن الماضي … كان الكل مجتمع في بيت العائلة حيث الجد والجدة وبقية العائلة من أولادهم والأحفاد في بيت كبير … وكان الازعاج يعم المكان .. والأطفال يركضون تارة ويبكون تارة أخرى .. وكانت هناك فتاة تسمى (أمل) في مقتبل العمر وهي زوجة ثانية لأحد أبناء هذه العائلة الكبيرة … وكانت أمل مصابة بمرض نفسي وحالة صرع تنتابها من وقت لآخر وقد أصيبت بهذه الحالة بعد خطبة زوجها (ولد عمها) لها ولم تعرف ما سبب هذه الحالة الغريبة ؟!
عاشت أمل بين عائلة عمها وتحملت المسؤولية وكانت خير من يحملها ، فقد كانت. زوجة مدلله لزوجها وأم صالحة وامتازت بأخلاقها وأدبها مع الجميع … ولكن المشاكل كانت تأتيها من كل مكان … والفتن تحاك ضدها في الظلام … وكل أساليب القهر والظلم ضدها دون رحمة لحالتها النفسية …كانت عائلة أمل يسكنون في قرية بعيدة عن المدينة التي تسكن بها ..
عاشت أمل الكثير من الألم النفسي والتحديات والضغوطات والوحدة على يد عائلة عمها ،، ولكنها لم تستسلم لأن لديها أطفال ..كانت أمل تعيش حياتها بحذر وبساطة رغم كل الأحقاد والكره ضدها ..
وكان زوجها يخاف من أهله كثيرا فيضربها أحيانا حتى يرضي زوجته الأولى و أهله عنه وهو في داخله يعلم أنها لم تخطئ… مرت الأيام وزادت قساوة الحياة حتى قررت أمل أن تعيش في بيت مستقل هي وزوجها مع أولادهما وتستقل بنفسها عن العائلة … وبعد سنوات تحقق الحلم.
كبرت أمل وكبر أبناؤها وهم يصارعون غيرة نساء العائلة وظلم وجبروت رجالها …. وفي أحد الأيام قررت أمل وأبناؤها زيارة بيت الجدة ، ولكنها عندما دخلت قالت لها الجدة “جت المجنونة وعيالها” …..
بعد انتهاء الزيارة رجعت أمل وهي تخفي دموعها عن أبنائها وعمق جرحها من سوء معاملة أهل زوجها لها بلا سبب ولا ذنب اقترفته … مرت الأيام وكبر أولاد أمل وأصبحوا ناجحين ومؤثرين في المجتمع … وأصبحت لهم مكانتهم العلمية والاجتماعية بين الناس ووصلوا أعلى المراتب … ولكن. أمل كلما كبرت كانت تتعب نفسيًا وعقليا بصورة أكبر بسبب كثرة الضغوط عليها سنوات عديدة وبطريقة متكررة ومن أقرب الناس لها …
أصبحت في الخمسين من عمرها … تتعالج نفسيا من آثار الظلم والتعب النفسي حتى تستعيد سعادتها وصحتها النفسية وتستمتع في ما تبقى من حياتها
وأصبحت بنت المجنونة كاتبة واستاذة جامعية ولها مكانتها بين قبيلتها وأهلها ….
فمن تكون يا ترى ” بنت المجنونة “…………..!!؟