محمد الرياني
مرَّ على زواجِنا عامٌ كامل، كانت تضع لي شرائحَ البرتقالِ في الخلَّاطِ وأنا أرقصُ طربًا بفعلِها ويسيلُ ريقي من مَنظرِ العصيرِ الأصفرِ فلا تعجِّل عليَّ به، تريدني أن أطيلَ الرقصَ على حركةِ العصير، تسكبُه في كوبين أنيقين، نشربُ حتى نشبع، تُشعلُ بقيةَ أنوارِ الغرفة، يتحوَّلُ المكانُ إلى مسرحٍ بهيج، أعجزُ عن الحركة، قلتُ لها هذا بسببِ عصيرك، تريدنا أن نحتفلَ بمرورِ عامٍ على زواجنا، أشعلنا شمعةً صفراءَ مثلَ لونيْ بشرتيْنا ولونِ العصير، قالت لي انهضْ لنحتفل، قلتُ لها لا أستطيع! دعي العصيرَ يكملْ دورتَه في أنحاءِ شراييني، أجبرتْني ففعلت، أخذتْ بعضَ الأطباقِ المعدنيةِ وحولتْها آلاتِ لَعبٍ لتكتملَ الحفلة، هويتُ على الأريكةِ واحتفلتُ جالسًا، طلبتُ المزيدَ من العصيرِ فجلبتْ اثنين لي ولها، ابتسمتْ وهي تقول :لقد مضى اثناعشر شهرًا من زواجنا، ما أسرعَ مرور الأيام! لم ألتفتْ إليها وكأني لم أسمعها، لا أريدُ أن أُعكِّرَ مزاجي بتصرُّمِ أيامي معها، دخلنا سويًّا نتفقد أشياءَنا في كلِّ غرفة، أغطيةِ النوم، أدواتِ الزينةِ والمكياج، بقايا العطر، أنوار الإضاءةِ المتعددةِ، التحفِ وهدايا الزواج، كلُّ شيءٍ وكأنه من ذكرياتِ الليلةِ الفائتة، تركنا كأسيْ العصيرِ وقد انتصفا، قالت : هل حضرَ اليومُ الأولُ من العام الثاني للزواج؟ لم أجبْها ولايزالُ في الليلِ بقايا من ظلمة، أطفأنا الأنوارَ وأشعلْنا شمعةَ حُبِّنا الأول وبِتنا ليلتَنا يحكي كلُّ واحدٍ منا للآخرِ حكاية، أصبحَ الصباحُ فهنأتُها على عامنا الجديد، أرادتْ أن تسقيني عصيرًا من جديد، أمسكتُ بيدها وخرجنا لساحةِ بيتنا نسقي شجرةً زرعناها قبلَ عام، بدتْ مثمرةً وحبَْاتُ البرتقالِ تتوزعُ على جنباتِها.