الدمام- فتحيه عبدالله
أقام النادي الادبي الثقافي بمنطقة الباحة امس الخميس ندوة (الباحة قاموس الفصاحة) حيث ارتجل رئيس النادي الأدبي الأستاذ حسن محمد الزهراني كلمة ترحيبية، رحب من خلالها بضيوف النادي، وفي مقدمتهم فرسان هذه الندوة وبجميع الحاضرين من الباحة وزوار الباحة من مختلف مناطق المملكة، وثمن لهم تفاعلهم مع نشاطات النادي رغم هطول الأمطار وكثافة الضباب.
بعدها قدم مدير الندوة الدكتور محمد عبدالله الزهراني المشاركين وبدأ الدكتور عبد الرزاق بن حمود الزهراني بالحديث عن بعض الخصائص اللغوية والكلمات الفصيحة المستعملة في الحياة اليومية في منطقة الباحة حيث أشار إلى أن أبناء غامد وزهران تنحدران من جد واحد ولم يسجل التاريخ أي حروب بين هاتين القبيلتين والنسب والتواصل والتزاوج بينهم قائم منذ الازل والا ان هناك اختلاف طفيف بين اللهجات في منطقة الباحة ومن الوز أسبابه هو التنوع الجغرافي للمنطقة، كما أن هناك اختلاف في المناخ وفي الزراعة وكذلك الكائنات الحية وهذا أدى إلى وجود اختلافات بسيطة في اللهجات.
وقال الدكتور عبدالرزاق إن اللغة كائن حي وهذه من خصائص اللغة ، بعدها تناول الدكتور عبد الواحد بن سعود الزهراني الحديث من جانب آخر عن المفردات الفصيحة في شعرنا الشعبي من خلال قصائد الجيل القديم ـ حيث أشار إلى أن الشعر في المنطقة الجنوبية وتحديداً في الباحة يركز على أحد المحسنات البديعية والذي يطلق عليه الجناس وهو اتفاق كلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى ولدى الشاعر عبقرية في ابتكار معان غير مألوفة وقديم الشعر في المنطقة مثل المسحباني والأناشيد كان البيت صدرا وعجزا وكان التحدي الأول التزام قافية موحدة للعجز ، ثم بدأ التحدي بأن يلزم ناظم الشعر بقافية موحدة للصدر وقافية موحدة للعجز واتت فكرة الجناس واصبح التحدي أكبر وعرج على بحور الخليل وعلاقتها بقصائد للشعر الشعبي في المنطقة.
ثم تحدث الأستاذ علي سدران الزهراني عن: أصالة لهجة أبناء منطقة الباحة والذي أشار إلى أن قبيلتي زهران وغامد وهما من قبائل الأزد الشنوية المهاجرة من سبأ منذ أكثر من ألفي عام حيث ساهمت في إثراء اللغة العربية الخالدة وانتشارها كما ـن لهجة أبناء منطقة الباحة في معظمها هي اللغة العربية ولو سلمت بعض ألفاظها من اللحن الذي دخلها نتيجة ظروف خاصة لغدت من أفصح اللهجات العربية ومن واجبنا تجاه هذه اللهجة توثيق بعض المفردات التي قضى عليها الموت أو تلك التي في طريقها إلى الاندثار ، وكذلك نشر مفردات أخرى تكلم بها أبناء زهران وغامد وللأسف أرى غالبية شباب هذا العصر قد عزفوا عن استخدام ألفاظ من مفردات اللغة وتخاطبوا بألفاظ لا تضاهيها فصاحة.
وبعدها تناول الأستاذ محمد بن زياد الزهراني فصاحة الأمثال الشعبية في منطقة الباحة وضرب الكثير من الأمثلة التي تدل على مهارة أهل المنطقة في الصياغة وحكمتهم الكبيرة أيضا ثم لفت نظر الحاضرين باستشهادته الغزلية التي نالت إعجاب الجميع
وقبل أن تختتم الأمسية أسهمت المداخلات في إثراء الموضوع حيث كان للمؤرخ والاديب سعد الكاموخ مداخلة قيمة
وكذلك الدكتور معن طاه أستاذ مشارك بكلية العلوم والآداب جامعة الباحة مداخلة حيث أشار إلى أن البعض قد يتساءل عن أهمية الفصاحة ومبرراتها. وبهذا نقول أن العامل الجيد أدواته جيده ولا يمكن أن تطلب جودة ومهاره باستخدام أدوات متخلفة يشوبها علل , واللغة هي أداة التفكير، أما الفكر فلا يُتصور حدوثه منعزلاً عن اللغة وخلل اللغة يقتضي خلل التفكير. ومقولة ميرلوبونتي: “إن الفكر هو اللغة واللغة هي الفكر” تتضح من خلال التدريس العالي باللغة العربية حيث ثبت جودة المخرجات وتفوقها فالعربية استوعبت العلوم الحديثة بما تحمله من مرونة في الاشتقاق والنحت ودقة في التعبير ، وهناك من يردد أنك إذا اردت ان تُسمع الآخرين وتتلقى منهم يتوجب عليك استخدام اللغة الإنكليزية وهي اليوم لغة القوي وقد كنا كذلك وكان العالم يتعلم لغتنا و يترجم علومنا ويستقي منها ، وأهمية الفصاحة تبرز في أن الضعف اللغوي العام فاشٍ في مجتمعاتنا و يصل إلى مستوى فوضى الأصوات،
كما كان للأستاذ جمعان عائض مداخلة قيمة وكذلك الإعلامي بخيت طالع وصلح الخزمري، والشاعر محمد عيضه والكاتب عوضة الدوسي ، والإعلامي عبدالله وافيه ، والشاعر محمد منسي وعلي الضرمان.
وفي ختام الندوة سلم رئيس النادي الدروع التذكارية للضيوف ، شاكراً لهما إضافاتهم الرائعة.
ثم أقيم حفل توقيع لثلاث كتب من إصدارات النادي وهي: كتاب مرشد الأجيال في الحكم والأمثال بمنطقة الباحة للأستاذ محمد زياد الزهراني ، وكتاب حدثني أبي للدكتور علي الرباعي ، وكتاب الفصاحة في منطقة الباحة للدكتور عبدالرزاق حمود.