المتقاعدون طاقات إيجابية يجب استثمارها
بقلم / عبد العزيز بن محمد أبو عباة
أن فئة المتقاعدون فئة عزيزة وغالية على أنفسنا ، ولها تجربة ثرة في الحياة العملية، وقد خدموا مؤسسات الدولة وجهاتها الحكومية في جميع المجالات فهم يستحقون من الشكر والتقدير على ما بذلوه خلال سنوات خدمتهم وما زالوا في عطائهم لهذا الوطن الحبيب.
وفي تصوري أن شكرهم لا يكون شكراً باللسان فقط وإنما الواجب أن يتبعه عمل ، وأعظم خدمة نقدمها للمتقاعدين هو إشراكهم في صياغة كل ما يتعلق بهم من أنظمة وقرارات، منحهم كذلك الفرص في تقديم الاستشارات والخبرات لمؤسسات الدولة الحكومية والخاصة وتفعيل دورهم كخبراء في البناء والتعمير، والاستفادة من خبراتهم المتراكمة في العديد من المجالات بالإضافة إلى تنظيم حياتهم بعد التقاعد، وتغيير النظرة السلبية لمفهوم التقاعد لدى أفراد المجتمع، فإن انقطاع المتقاعد عن العمل لا يعني انقطاعه عن العطاء بل أن المتقاعدين يملكون مهارات وخبرات كبيرة قادرة على المساهمة في نهضة البلاد التنموية في مختلف الوظائف والمستويات.
أن المتقاعد ثروة مهمة لابد من استثمارها ، وهناك العديد من الدول رفعت سن المعاش حتى سن 65 عاماً وذلك لاعتقادهم أن الموظف في هذا العمر يكون أكثر نضجا وفهما واستيعاب لمعطيات العمل وتحدياته لما يمتلكه من خبرة وموهبة في الإدارة والتعامل مع الوقائع بصورة حضارية وأنا بدور اقترح على الجهات الحكومية أن ترفع سن المعاش حتى عمر65 عاماً ، كما أن القيادات الحالية لا يمكن ان تستغني عن توجيهاتهم وخبراتهم ، وأنا ليس من أنصار أن يجلس المتقاعد في بيته دون عمل لأن هذا تحدي قد يؤدي به أما إلى الإصابة بالقلق أو الأمراض المزمنة لعدم الحركة أو حدوث فجوة اجتماعية يتسبب فيها المتقاعد قد تسهم في التفكك الأسري حيث إن وجوده في البيت لساعات طويلة قد يضطره للتدخل في الشؤون الداخلية للبيت والتحكم في كل كبيرة وصغيرة ، وإحداث معارك حيث لا معترك ، كما أني لا أرى أن ينتقل المتقاعد بعد أن أفنى زهرة شبابه في عمل معين إلى مجال آخر لا يتناسب مع مؤهلاته وقدرته فأي فجوة تحدث في ذلك قد تتسبب في انتكاسته فمن المناسب للمتقاعد ان يستمر في تخصصه ومهارته التي يجيدها ، وانا اقترح على المؤسسات والشركات الخاصة الاستعانة بهم في التطوير والتدريب كمستشارين لهم خبرات واسعة في مجالات تخصصهم.
لقد رأينا في المجتمعات الغربية الاهتمام الكبير بالمتقاعدين حيث يتم استيعابهم في الوظائف باعتبارهم ثروة يجب اقتناصها عبر المنظمات التطوعية التي تعمل في المجالات المهنية أو الاجتماعية ، فه تحرص على الاستعانة بهم في مجالات الإدارة أو إشراكهم في المناشط التطوعية التي تسهم في المشاريع التنموية .
وفي السعودية هناك جمعية للمتقاعدين وهي جمعية تهتم بشؤون المتقاعدين ولها جهود تذكر فتشكر، وفي تقديري يمكن لهذه الجمعية أن تطور برامجها ومشاريعها بحيث تستوعب طاقات المتقاعدين ، وتكوين قاعدة بيانات تتضمن مؤهلاتهم ، وخبراتهم ومجالات إسهاماتهم للاستعانة بهم عند الحاجة، كما نقترح إنشاء نادي خاص بالمتطوعين ليكون منتجعا للتذاكر والتفكر ، والإسهام بالأفكار التطويرية عبر العصف الذهني ومن ثم الخروج بتوصيات يمكن أن تقدم للمؤسسات الحكومية ذات الصلة في تخصصاتهم كمسؤولية اجتماعية تجاه الوطن.